ـ(212)ـ
فلا يسرع إلى تكفير أحد من المسلمين، فأعراض المسلمين حمى الله في الأرض.
قال الامام ابن دقيق العيد رحمه الله: "أعراض المسلمين حفرة من حفر النار وقف على شفيرها طائفتان من الناس: المحدثون والحكام".
قال الحافظ الصالحي في كتابه عقود الجمان بعد أن نقل كلمة ابن دقيق العيد هذه: وليس الحكام والمحدثون سواء، فإن الحكام أعذر لأنهم لا يحكمون إلاّ بالبينة وغيرهم يعتمد مجرد النقل.
قلت: والمحدثون أعذر عند الله لأنهم يذبون عن السنة فهم أعذر من هؤلاء الغلاة الجفاة الجهلة الذين يقعون في أعراض المسلمين لمجرد التعصب والخلاف في المذاهب أو المشرب، فهؤلاء شرار الخلق عند الله لأنهم يكفرون بلا علم ولا سبب إلاّ ما دعا إليه الجهل والتعصب والتطرف والعياذ بالله.
وقال ابن دقيق العيد أيضاً "المخالفة في العقائد أوجبت تكفير الناس بعضهم لبعض أو تبديعهم وأوجبت عصبية اعتقدوها ديناً يدينون به ويتقربون به إلى الله، ونشأ عن ذلك الطعن بالتكفير والتبديع، وهو موجود كثيراً في الطبقة المتوسطة من المتقدمين.
يتابع ابن دقيق العيد فيما رواه عن الحافظ الصافي في كتابه عقود الجماعة "والذي تقرر عندنا أنّه لا تعتبر المذاهب في الرواية، إذ لا نكفر أحداً من أهل القبلة إلاّ بإنكار متواتر عن صاحب الشريعة صلوات الله وسلامه عليه"(1)، وفي هذا النص أمور مهمة:
الأمر الأول: أن المخالفة العقدية والمذهبية أو جبت العصبية.
الأمر الثاني: أن الطعن بالتكفير والتبديع نشأ عن الخلاف في العقائد لما يرافق ذلك
______________________
1 ـ الاقتراح، ورقة 27.