ـ(205)ـ
وأما العامل الثاني وهو الجرح والتعديل لمجرد المذهب، فإن من اطلع على كتب الجرح والتعديل وكتب المحدثين يتضح له جليا أن أكثر الجرح بمجرد المذهب ولعل للسياسة دورا بارزا في ذلك، إضافة إلى التعصب المذهبي ومن الشواهد على ذلك ما ذكره ابن حجر في لسان الميزان في ترجمة إبراهيم بن الحكم بن ظهير قال أبو حاتم: كذاب روى مثالب معاوية فمزقنا ما كتبنا عنه. أي انهم مزقوا ما كتبوا عنه من أحاديث السنة لكونه روى أحاديث أخرى في مثالب معاوية.
وإذا تأملنا في هذين العاملين الخطيرين سنجد أنهما غير موضوعيين، أي لا يمكن اعتبارهما مقياس صحة، وسنجد بأن تأثيرهما في توسيع هوة الخلاف بين الطوائف الإسلاميّة كبير جداً وخطير، ولذلك نرى ونقترح أن نتناولهما بالبحث الموضوعي والتقييم الصحيح على ضوء القرآن وصحيح السنة والواقع ومنطق العقل.
تلك هي أهم العوامل التي نعتقد أن خطورتها كبيرة جدا في خلق الخلاف واستمراره. وفي المقابل لا نشك بأن هناك نقاط التقاء بين أقوال أصحاب المذاهب في هذا الموضوع أي موضوع طرق الأخذ بالسنة، فالكل متفقون على اعتبار السنة دليلاً شرعياً والكل متفقون على اشتراط صحة الصدور عن النبي (صلى الله عليه وآله) سواء القول أو الفعل أو التقرير الصادر عنه في لزوم العمل.
وهذه بلا شك تشكل عوامل مهمة في مجال التقريب بين الأقوال والمذاهب باعتبار أن هذا هو المقصد والهدف الذي ينشده كل من يبحث في السنة ويعمل بها وهذا يعني أن بالإمكان أن يلتقي الجميع على منهج موحدٍ في البحث عن ما يقبل وما لا يقبل من الرواية