ـ(204)ـ
فلقد أوضح الإمام (عليه السلام) معظم أسباب الخلاف والاختلاف وبين أن بعضها مقصود به الدس والتلبيس على هذه الأمة وبث الفرقة في صفوفها، وقد تزعَّم ذلك منافقو هذه الأمة وبعضها غير مقصود وهو ما كان على سبيل الخطأ والوهم وعدم الفهم والتنبه للناسخ والمنسوخ ومقاصد الشارع الحكيم.
ثم بين الطريقة المثلى لجمع صفوف هذه الأمة بأن الرابع هو الأحق بالأخذ عنه والاتباع لما يقوله ويرويه وأنه لو تبينت الأمة رشدها ولم تعدوه إلى غيره لما حدثت الفرقة والاختلاف.
على أن عوامل أخرى ساعدت على اتساع الفجوة بين المسلمين في الأخذ بهذه السنة الشريفة، أقتصر في بحثي هذا على ذكر عاملين أساسيين هما:
1 ـ العدالة المطلقة للصحابي لمجرد الصحبة.
2 ـ الجرح والتعديل بالمذهب.
أما العدالة المطلقة للصحابي لمجرد صحبته، وإعطاؤه قدسية بحيث يمنع حول النقاش ولو فعل الأفاعيل وارتكب المنكرات وأزهق النفوس، ولو ورد فيه قرآن يتلى أو حديث يملى، بل يعمل على تأويله وصرفه إلى غير محله، فأمر جدير بالبحث.
نحن نقول يجب النظر في اختيار الطريق واختباره فلو أننا سلكنا السبيل القويم والتزمنا الحجة الواضحة وأخضعنا هذه المسألة المهمة للدراسة والنقاش الجادين غير متأثرين بأي أثر تقليدي أو عاطفي سواء في دراستنا لشخص الصحابي أو فيما رواه، لبدا وجه الحق واضحاً ولظهر نور الإسلام ساطعاً ولاعتصم المسلمون بحبل الله متفقين غير متفرقين.