ـ(203)ـ
النار بالزور والبهتان فولوهم الأعمال وجعلوهم حكاما على رقاب الناس وأكلوا بهم الدنيا وإنّما الناس مع الملوك والدنيا إلا من عصم الله فهذا أحد الأربعة.
ورجل سمع من رسول الله (صلى الله عليه وآله) شيئاً لم يحفظه على وجهة فوهم فيه ولم يتعمد كذباً فهو في يديه ويرويه ويعمل به ويقول: أنا سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلو علم المسلمون أنّه وهم فيه لم يقبلوه منه ولو علم هو أنّه كذلك لرفضه.
ورجل ثالث سمع من رسول الله (صلى الله عليه وآله) شيئاً يأمر به ثم نهى عنه وهو لا يعلم، أو سمعه ينهى عن شيءٍ ثم أمر به وهو لا يعلم، فحفظ ولم يحفظ الناسخ فلو علم أنّه منسوخ لرفضه ولو علم المسلمون إذ سمعوه منه أنّه منسوخ لرفضوه.
وآخر رابع لم يكذب على الله ولا على رسوله مبغض للكذب خوفاً من الله وتعظيماً لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، بل حفظ ما سمع على وجهه فجاء به على ما سمعه لم يزد فيه ولم ينقص منه فحفظ الناسخ فعمل به وحفظ المنسوخ فجنب عنه وعرف الخاص والعام فوضع كل شيء بوضعه وعرف المتشابه ومحكمه.
وقد يكون من رسول الله (صلى الله عليه وآله) الكلام له وجهان، فكلام خاص وكلام عام فيسمعه من لا يعرف ما عنى الله به ولا ما عنى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيحمله السامع ويوجهه على غير معرفة لمعناه وما قصد به وما خرج من أجله، وليس كل أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) من كان يسأله ويستفهمه حتّى إنهم كانوا ليحبون أن يجيء الأعرابي والطارئ فيسأله (عليه السلام) حتّى يسمعوا وكان لايمربي من ذلك شيء إلا سأتل عنه وحفظته فهذه وجوه ما عليه الناس في اختلافهم وعللهم في رواياتهم".