ـ(182)ـ
كان قد أخذ عن علي (عليه السلام)(1).
ثم يجيء دور التابعين، ليتوسعوا في التفسير، توسعاً مطرداً مع الزمان ومتناسباً مع توسع بقاع الدولة الإسلاميّة.
وقد درج التفسير مدارجه إلى الكمال في هذا الدور، فأخذ يتشكل بعد أن كان مبعثراً، وينتظم بعد أن كان متقطعاً منتثراً، ويزداد حجماً ويتوسع بعد أن كان محدوداً مقتصراً، وفوق ذلك أخذ الاجتهاد وإعمال الرأي والنظر والبحث والنقد يتسرب في التفسير، ويأخذ مأخذه في تبيين وتفهيم معاني القرآن الكريم.
وهذا حسبما ورد من الأمر بالتدبر والتعمق في القرآن والبحث والنظر في فهم معانيه:
[كتاب أنزلناه مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب] (2).
[أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوبٍ أقفالها] (3).
وقد كان بعض السلف يتحرجون من القول في القرآن بغير أثر صحيح، ويجتنبون النظر فيه، خشية أن يكونوا قد أقحموا في القول في القرآن برأيهم، وقد جاء النهي عن تفسيره بالرأي.
(من فسر القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار)(4).
فعن عبيد الله بن عمر قال: لقد أدركت فقهاء المدينة، وإنهم ليعظمون القول في التفسير، منهم: سالم بن عبد الله، والقاسم بن محمد، وسعيد بن المسيب، ونافع.
______________________
1 ـ البرهان للزركشي 2 : 175.
2 ـ سورة ص : 29.
3 ـ محمد : 24.
4 ـ حديث مستفيض. راجع: الأمالي للصدوق ـ المجلس الثاني ـ ص 6 (ط. النجف)، والطبري 1 : 27.