ـ(181)ـ
آيات، لم يتجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن. وقال أبو عبد الرحمان السلمي: حدثنا الذين كانوا يقرئوننا، أنهم كانوا يستقرئون من النبي صلى الله عليه وآله فكانوا إذا تعلموا عشر آيات، لم يخلفوها حتى يعلموا بما فيها من العمل. قال: فتعلمنا القرآن والعمل جميعاً (1).
وهكذا دأب رسول الله صلى الله عليه وآله على تعليم أصحابه الإجلاء معاني القران وتفسير ما أبهم منه إلى جنب تعليم قرأته وتلاوته.
غير أن المأثور من التفسير المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وآله قليل جداً، حسبما جمعه جلال الدين السيوطي في آخر كتابه الإتقان، فبلغ ما يقرب من مائتين وخمسين حديثاً مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وآله وقال: الذي صح من ذلك قليل جداً، بل أصل المرفوع منه في غاية القلة.
وأخيراً قام زميلنا الفاضل السيد محمد برهاني نجل العلامة المحدث البحراني صاحب تفسير البرهان، بجمع ما أثر من تفاسير مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وآله، مروية عن طرق أهل البيت (عليهم السلام) فبلغ لحد الآن حوالي أربعة آلاف حديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وآله في التفسير، ولا يزال يزيد ما دام العمل مستمراً، وفقه الله تعالى.
وأما عهد الصحابة، فلم يزل الأمر على ذلك، كانوا مراجع الأمة في فهم ما أشكل من القرآن. وكان من الصحابة أربعة اشتهروا بعلم التفسير، وهم: علي بن أبي طالب ـ وكان رأساً وأعلم الأربعة ـ وعبد الله بن مسعود، وأبي بن كعب، وعبد الله بن عباس، كان أصغرهم سناً وأوسعهم باعاً في نشر التفسير، وذلك لتفرغه في ذلك، دون من عداه.
قال الإمام بدر الدين الزركشي: وصدر المفسرين من الصحابة هو علي بن أبي طالب ثم ابن عباس، وهو تجرد لهذا الشأن، والمحفوظ عنه أكثر من المحفوظ عن عليّ، إلاّ أن ابن عباس
______________________
1 ـ تفسير الطبري 1 : 27 ـ 28 و 30.