ـ(149)ـ
وعدم الرضوخ للمستبدين، فأصبحوا أحياء خالدين شهداء الجهاد في سبيل الله هم بمعنى آخر ينالون حياة خالدة واحتراما خاصا، فهم في حياتهم قد أدوا مسؤوليتهم على أكمل وجه في مساعدة بني نوعهم، وإضاءة طريق الحرية وحفظ الوجود لهم، وبعد وفاتهم سجلوا في صفحات التاريخ للأجيال دروس التشجيع على تحقيق تلكم الأهداف. ومهما كانت آثارهم الحميدة نافذة في الأجيال اللاحقة كان اسمهم حيا في النفوس.
ليست الحرية مثل سائر أقوالنا وأفعالنا مقدمة لشيء آخر، ليست مثل المشي لطي المسافة، والقراءة للحصول على معلومات، والأكل للتقوية، والقول لايصال المقصود، والعبادة للتقرب إلى الله، والأدب لكسب المحبة، والكفاية لتحقيق الأهداف والشجاعة لغلبة العدو، والعدل لبسط السعادة والبركة و.. ليست الحرية مقدمة لشيء آخر، الحرية من أجل الحرية. فالحرية مقدمة بدون نتيجة، أو نتيجة بدون مقدمة. انها من الألفاظ المجردة. يقال إن الحياة من الألفاظ المجردة، لان الحياة هدفها الحياة لا غير لكن الحياة في اعتقادنا مقدمة للموت أما الحرية فهي للحياة والممات على السواء، سواء في عالم الذر (أي عالم الذرات) حيث الذرات مطلقة غير مقيدة بشروط وتكاليف، أو في عالم اتصال الذرات حيث الخضوع لقوانين اتصال الذرات وتكاليف المدنية أي الشرع والعرف.." (1).
طالب أوف من طلائع الليبرالية والمشروطة في بلادنا، وفكره كما يلاحظ من النصوص السابقة يتجه إلى "إصلاح إسلامي" على الطريقة الغربية وتظهر فيه بوضوح آثار الهزيمة تجاه العلوم الطبيعية وتجاه الحياة الأوربية لو بحثنا عن جذور "الالتقاط" في تاريخ إيران المعاصر، لوجدنا في أفكار طالب أوف شيئاً كثيراً يساعدنا على تقصي تلك الجذور.
______________________
1 ـ عبد الرحيم.. مصدر سابق 94 ـ 96.