ـ(146)ـ
من الأنصاف أن نقول: إنه كان يرغب من كل أعماقه في إصلاح أوضاع الأمة في إيران رغم أن وصفاته لم تكن مجدية. وتبدو هذه الرغبة الشديدة جلية في النص التالي الذي يتحدث عن طالب أوف:
".. الكاتب (طالب أوف) في حواره الخيالي مع المجتهدين يعترف بأحكام الإسلام، لكنه يقترح أيضاً أمورا حديثة مثل: نظام الجندية الإجباري، ومدّ سكك الحديد وإصلاح الخط واللغة وتغيير الحروف الهجائية.. وحول الوضع السياسي يكتب قائلا: لو كانت هذه الوزارات تقليد للغربيين فأي بلد أوروبي وزيره أمي؟! أي بلد فيه وزير بالاسم دونما إدارة؟! لماذا الاسم بدون مسمى؟ وأين تجد مثل هذا الوضع؟ وزير العدل مثلا شخص لا يعترف أصلا بوجود علم الحقوق. يجلس في عمارة فخمة مع المساعدين والموظفين ليقضي بين الناس فيما اختلفوا فيه لو كانت الأحكام في هذه الدائرة تصدر على أساس الشرع، فإن أصحاب الشرع منتشرون في جميع الأزقة يعرضون متاعهم ويبحثون عن زبون لعلمهم.
ولو كان الحكم يصدر استناداً إلى قانون مدني، فأين مدرسة تعليم القانون في بلادنا؟ وأين هي مصادر قوانيننا الحقوقية؟ وإن لم يك ثمة شرع ولا قانون، فأساس العدل مايرتأيه الوزير وما يتخيله في كل أنحاء إيران من الشرطي ابتداء وحتى الحاكم، الجميع يحكمون وفق رغباتهم وميولهم الشخصية كلهم آمرون وحاكمون.. أي قاموس يسمى جهاز الظلم والاستبداد عدلاً؟!"(1).
لو أمعنا النظر في النص التالي المنقول عن كتاب: مسائل الحياة لطالب أوف لرأينا أن الرجل يتألم من التخلف الصناعي والعلمي للإيرانيين، ويبحث عن العلاج، لكنه ينطلق في
______________________
1 ـ فشاهي، مصدر سابق 392.