ـ(139)ـ
اتصف بعنوان (طاعة ولي الأمر) يصبح واجبا بسبب هذا العنوان، وتلك الإباحة وهذا الوجوب كلاهما شرعيان وصادران من الله تبارك وتعالى، وفي مثل هذه الحالات يكون حكم العنوان الأولي نافذاً مالم ينطبق عليه العنوان الثانوي، فإذا انطبق عليه العنوان الثانوي سقط حكم العنوان الأولي وأصبح حكم العنوان الثانوي نافذاً وهو حكم شرعي صادر من الله تبارك وتعالى، وبهذا اللحاظ تكون الأحكام الشرعية الإلهية شاملة للوقائع التي هي في دائرة منطقة الفراغ سواء قبل صدور الأمر بها من قبل ولي الأمر أو بعد صدور الأمر بها من قبله، أما قبل صدور الأمر بها من قبله فانها مباحة بعناوينها الأولية، وأما بعد صدور الأمر بها فهي واجبة بعناوينها الثانوية.
وهذا ـ طبعاً ـ لا يعني أن اصل وجوب طاعة ولي الأمر حكم ثانوي بل هو حكم اولي ثابت في الشريعة على حد ثبوت وجوب الصلاة ووجوب الصوم، لكن تطبيق هذا الوجوب على ما هو مباح في نفسه يكون بالعنوان الثانوي، كما أن جواز إصلاح ذات البين بل استحبابه حكم أولي ثابت في الشريعة على حد ثبوت الاستحباب في باقي المستحبات لكن تطبيق ذلك على الكذب الذي هو حرام في نفسه يكون بالعنوان الثانوي، وهذا بحث جدير بالتوضيح والتفصيل في مجال لا يسعه هذا المقال.
ومنها: توهم أن فكرة (منطقة الفراغ) بالمعنى الذي شرحناه تنافي الروايات التي وردت بمضمون: "أن حلال محمد (صلى الله عليه وآله) حلال أبداً إلى يوم القيامة وحرامه حرام أبدا إلى يوم القيامة"(1) وذلك لأنه بناء على هذه الفكرة سوف يصبح الشيء الحلال واجباً أو حراماً بأمر من ولي الأمر في حين أن مفاد هذه الروايات ينفي وقوع التبدل في الأحكام إلى يوم
______________________
1 ـ أصول الكافي 1: كتاب فضل العلم: باب البدع والرأي، ح 19.