ـ(140)ـ
القيامة.
وهذا التوهم يمكن رده بالنقض تارة وبالحل أخرى:
أما الجواب النقضي فهو أن كثيرا من الأحكام تتبدل من حلال إلى حرام أو من حرام إلى حلال، ومن مباح إلى واجب أو من واجب إلى مباح وهكذا، مثال ذلك أن الإنسان لم يكن مستطيعا للحج ـ بالمعنى الشرعي من الاستطاعة ـ فلم يكن يجب عليه الحج وبعد ذلك تحصل له الاستطاعة فيتبدل حكمه إلى الوجوب، كما أن الإنسان لم يكن مريضا فوجب عليه الصوم في شهر رمضان ثم يتمرض فيسقط عنه الوجوب ويتبدل حكمه إلى الإباحة أو إلى الحرمة، إلى غير ذلك من موارد تبدل الحكم بسبب تبدل بعض قيود الموضوع، فهل هذا كله يتنافي مع مفاد روايات حلال محمد (صلى الله عليه وآله) حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة؟‍
وأما الجواب الجلي فهو أن كل حكم شرعي له موضوع مقدر الوجود، بمعنى انه على تقدير تحقق ذلك الموضوع يجري عليه ذلك الحكم، وربما يكون الموضوع مشتملاً على قيود معينة بحيث متى ما تمت تلك القيود جرى عليه الحكم ومتى ما انتفى بعض تلك القيود سقط الحكم، من قبيل وجوب الحج فان موضوعه عبارة عن الإنسان الذي يكون مستطيعا، صحيح البدن، مخلى السرب، فما لم يتم جميع هذه القيود لا يجري عليه وجوب الحج، وبسقوط بعض هذه القيود يسقط وجوب الحج ويتبدل إلى الإباحة مثلا. وهذا لا ينافي أبدية الأحكام وعدم تبدلها من الناحية المبدئية بالمعنى المقصود في الروايات المشار إليها فان هذه الروايات إنّما تدل على أن كل حكم شرعي، بماله من موضوع ومن قيود ملحوظة فيه، لا يتبدل إلى يوم القيامة، ولا تدل على عدم تبدل الحكم يتبدل موضوعه أو بتبدل