ـ(138)ـ
وتعالى ليس له حكم معين في دائرة ما يسمى بمنطقة الفراغ، في حين أن الروايات المشار إليها تؤكد استيعاب الأحكام الشرعية الإلهية لجميع وقائع الحياة.
ويمكن الإجابة على هذا التوهم بوجهين:
الأول: أن هذه الروايات إنّما دلت على أصل استيعاب الأحكام الشرعية لجميع وقائع الحياة، وهذا صحيح. غاية الأمر أن بعض الأحكام الشرعية تعلقت بوقائع الحياة بصورة مباشرة وبعضها تعلقت بها بصورة غير مباشرة والأحكام التي تصدر من ولي الأمر لملء منطقة الفراغ تكون من القسم الثاني بمعنى انها أحكام شرعية غير مباشرة لأن الله تبارك وتعالى لم يأمر بصورة مباشرة بما أمر به ولي الأمر لكنه أمر بطاعة ولي الأمر في كل ما يأمر به، وهذا يكفي لاسناد تلك الأحكام إلى الله تبارك وتعالى ويتم به استيعاب الأحكام الشرعية لجميع وقائع الحياة.
والثاني: أن وقائع الحياة التي هي في دائرة منطقة الفراغ ستكون مشمولة للأحكام الشرعية الإلهية بعنوانين، هما العنوان الأولي والعنوان الثانوي.
توضيح ذلك: أن ما يأمر به ولي الأمر ـ كدفع الضريبة أو الالتزام بنظام معين في المرور أو نحو ذلك ـ يكون مباحا شرعا في حد ذاته، وإنّما يصبح واجبا بعنوان كونه طاعة لولي الأمر، فهو بعنوانه الأولي محكوم شرعاً بحكم الإباحة، وبعنوانه الثانوي ـ وهو عنوان كونه طاعة لولي الأمر ـ يكون محكوماً شرعاً بحكم الوجوب، فكما أن (الكذب) مثلاً بالعنوان الأولي حرام ولكنه إذا اتصف بعنوان (إصلاح ذات البين) يصبح جائزا بل مستحبا بسبب هذا العنوان الثانوي، وتلك الحرمة وهذا الجواز كلاهما شرعيان وصادران من الله تبارك وتعالى، كذلك دفع كمية من المال بعنوان الضريبة فإنه بالعنوان الأولي مباح ولكنه إذا