ـ(106)ـ
وعلوم البلاغة، حتى انه قد تمر الصفحات دون ملاحظة شيء منها والبحوث اللغوية أكثر هذه البحوث حظاً في معالم التنزيل، ولكنها على كثرتها ـ بالنسبة لغيرها من البحوث ـ لا تستغرق شيئا يذكر. ويبدو لمن يقرأ "معالم التنزيل" ان البغوي يذكر ما يزيل الغموض عن معنى الكلمة دون الإغراق في البحث اللغوي، أو متابعة اشتقاقات الكلمة، وتتبع نظائرها، وتفسيرها بأضدادها، أو بعقد فصل خاص بها كما فعل الطبرسي" (1).
والمباحث النحوية هي الأخرى قليلة من جهة ومختصرة من جهة أخرى. ففي سورة الفاتحة ذكر أعراب "بسم الله الرحمن الرحيم" ومحله من الأعراب، وما يتعلق بـ "الله" و"إياك" (2).
والبغوي قد يشير إلى بعض النكت البلاغية ليفسر بها النص ويوضح المراد منه دون الإغراق في ذلك. فعند تفسير قوله تعالى: [الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون] (3).
ذكر ان المقصود من يستهزئ بهم يجازيهم جزاء استهزائهم، سُمّي الجزاء باسمه لأنه بمقابلته كما قاله الله تعالى [وجزاء سيئة سيئة مثلها] (4).
6 ـ والبغوي رغم كونه من أهل السنة، وتفسيره قائم على ذلك، لا يغرق في بيان المسائل الكلامية التي اختلف فيها أهل السنة مع المعتزلة، ويتحاشى ذكر المسائل الكلامية المتعلقة بصفات الله تعالى، ويذكر رأي أهل السنة في ذلك غالبا دون الإشارة إلى غيره، أو التشهير بغير أهل نحلته، ففي قوله تعالى حكاية عن أم مريم عليها السلام [... وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم] (5).
______________________
1 ـ انظر معالم التنزيل 1 : 35، 60.
2 ـ معالم التنزيل 1 : 39 و 41.
3 ـ البقرة: 15.
4 ـ معالم التنزيل 1 : 295.
5 ـ آل عمران : 36.