ـ(105)ـ
فالقى الله تعالى عليه النوم فلما قام نزع الله منه الروح مائة عام... فلما مضى من موته سبعون سنة أرسل الله ملكاً إلى ملك من ملوك فارس يقال له نوشك، فقال: ان الله يأمرك ان تنفر بقومك فتعمر بيت المقدس وإيليا حتى يعود أعمر ما كان، فانتدب الملك بألف قهرمان مع كل قهرمان ثلاثمائة ألف عامل وجعلوا يعمرونه...)(1). فهل يعقل ان ينتدب الملك ألف قهرمان مع كل قهرمان ثلاثمائة ألف عامل، أي ثلاثمائة مليون عامل لبناء بيت المقدس وإعماره؟ فمن أين جيئ بهؤلاء العمال؟ وأين أسكنوهم ليعملوا؟ وكيف أطعموهم؟ وكيف نسقوا العمل بينهم؟ وهل يحتاج بناء مدينة إلى مثل هذا العدد من العمال؟ ولنا في بناء بغداد في زمن المنصور، والقاهرة في زمن المعز الفاطمي شاهدان على عدد العمال الذين استخدموا لبناء كل واحدة من هاتين الحاضرتين المهمتين اللتين لا تقلان عن بيت المقدس أهمية وسعة وعظمة ان لم تزيدا عليها، لأن كل واحدة منهما بنيت لتكون عاصمة للخلافة الإسلاميّة.
وقد يطيب للبغوي ذكر القصص الإسرائيلي الذي يسود به صفحات من تفسيره من جهة، ويكمل به القصص القرآني، ويشرح به ما أبهم منه، ويسد به الثغرات بسرد الوقائع من جهة أخرى، فيجري وراء الإسرائيليات ناسباً إياها إلى أهل الكتاب المشهورين بذكر القصص الإسرائيلي كوهب بن منبه أو ناقلاً لها عمن اشتهر عنه الأخذ عن أهل الكتاب كابن عباس وغيره. وقد يستغرق بعض ما ذكره البغوي ما يزيد على ثلاث صفحات من الحجم الكبير كقصة طالوت وداود وجالوت (2).
5 ـ يمتاز كتاب معالم التنزيل بقلة بحوثه المتعلقة بعلوم العربية، كالنحو والصرف واللغة
______________________
1 ـ معالم التنزيل 1 : 245.
2 ـ معالم التنزيل 1 : 232 ـ 235.