ـ(104)ـ
الإسرائيليات ولا يُعقب عليها ليعلم موقفه منها من جهة، وموقفه مما ينسب إلى الأنبياء ـ عليهم السلام ـ من جهة أخرى، وبعض هذه الإسرائيليات يمكن نقدها من جهة المتن لاحتوائها على مالا يستسيغه العقل. فعند حديثه عن قوله تعالى على لسان عيسى عليه السلام: [... وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم...](1). ذكر قول السدي "كان عيسى ـ عليه السلام ـ في الكتاب يحدث الغلمان بما يصنع آباؤهم ويقول للغلام: انطلق فقد أكل أهلك كذا وكذا ورفعوا لك كذ1 وكذا، فينطلق الصبي إلى أهله ويبكي عليهم حتى يعطوه ذلك الشيء، فيقولون: من أخبرك بهذا ؟ فيقول: عيسى ـ عليه السلام ـ فحبسوا صبيانهم عنه، وقالوا: لا تلعبوا مع هذا الساحر فجمعوهم في بيت، فجاء عيسى ـ عليه السلام ـ يطلبهم فقالوا ليسلوا ههنا، فقال: فما في هذا البيت ؟ قالوا: خنازير، قال عيسى: كذلك يكونون، ففتحوا عليهم فإذا هم خنازير..."(2). لا أدري كيف جمع الصبيان كلهم في بيت واحد؟ ولو قال: حبست كل عائلة صبيها عنه لكان مقبولاً.
وفيما نقله عن وهب بن منبه عند تفسير قوله تعالى: [أو كالذي مرّ على قريةٍ وهي خاوية على عروشها...](3)، خير شاهد ودليل على ما نقول. ولا يهمنا من الخبر الطويل الذي ذكره البغوي سوى فقرتين هما:
1 ـ اختار بختنصّر من صبيان بني إسرائيل "سبعين ألف صبي فقسمهم بين الملوك الذين كانوا معه، فأصاب كل رجل منهم أربعة غلمة" (4). وهذا يعني أن الملوك الذين كانوا معه يزيد عددهم على سبعة عشر ألف ملك. فهل يعقل أن يكون معه هذا العدد من الملوك؟
2 ـ والفقرة الثانية "رجعنا إلى حديث وهب، قال: ثم ربط أرمياء حماره بحبل جديد
______________________
1 ـ آل عمران: 49.
2 ـ معالم التنزيل: 204.
3 ـ البقرة: 259.
4 ـ معالم التنزيل 1 : 244.