ـ(78)ـ
ولقد حرص الإسلام على صبغ المجتمع المسلم بصبغة متميزة تعكس طبيعة القيم الدينية والإنسانية والخلقية التي يؤمن بها هذا المجتمع، وهذه الصبغة التي أراد الإسلام أن يصبغ بها المجتمع المسلم لم تكن تستهدف إيجاد قطعية وانفصال بين المسلمين وغيرهم من أصحاب الديانات الأخرى ممن يعايشون المسلمين ويجاورونهم، وإنما استهدف الإسلام إظهار المجتمع المسلم بمظهر اجتماعي وخلقي وإنساني يجسد من خلال نوعية علاقاته الاجتماعية طبيعة القيم الخلقية التي أراد الدين الإسلامي أن يدعو البشرية إليها، وبذلك يتحول المجتمع بوصفه كتلة اجتماعية متناسقة ومتوافقة إلى أمة واحدة تدعو الآخرين إلى قيم الإسلام والسماء بما تمثله من سلوكيات وممارسات على أرض الواقع. ومن هنا تتعدد الدعوات الإلهية لأفراد المجتمع الإسلامي بوصفه أمة واحدة تتحمل مسؤولية تسجسيد قيم رسالة ربانية قيمة بضرورة امتثال وتحقيق تلك القيم في حياتهم الاجتماعية من أجل أن يمثلوا القدوة للآخرين على مستوى الأمة كما يرغبون أن يمثلوها على مستوياتهم الفردية والذاتية. وهناك العديد من الخطابات الإلهية التي وجهت إلى المسلمين بوصفهم أمة واحدة، كقولـه تعالى: [ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف ينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون. ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم](1).
وقولـه سبحانه: [يا أيها الذين آمنوا كونوا قوّامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على إلا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون](2).
______________________
1 ـ آل عمران: 104 و 105.
2 ـ المائدة: 8.