ـ(77)ـ
الناس وممارساتهم العملية، ومن أجل أن لا تتحول قوانين الشريعة إلى مقررات جامدة تفتقد الفاعلية والتأثير.
وخلاصة ما يمكن قوله في هذه النقطة من البحث أن إثبات أو نفي قابلية حكم من الأحكام للتغير مرهون بما يستفيده الفقيه من أدلة إثبات الحكم المعني بالبحث، فهل أن الحكم وارد مورد التعبد المحض بحيث لا يمكن أن يطلع الفقيه على ملاك تشريع الحكم؟ أم أن الحكم في تشريعه وإثباته خضع لمراعاة مصلحة آنيّة معنية بحيث يطمئن الفقيه بأن الحكم يدور مدارها نفياً وثبوتاً؟
فإن كان الحكم من القبيل الأول فلا يمكن للفقيه أن يخضع هذا الحكم للتغيير إلا بعنوان ثانوي آخر يدعي الفقيه حكومته على العنوان المثبت للحكم الشرعي المنظور، كعناوين نفي العسر والحرج والضرر.
وإن كان الحكم الشرعي من القبيل الثاني الفقيه لا يمتنع عليه أن ينفي أو يغير الحكم الشرعي على ضوء انتفاء المصلحة المثبتة له أو تبدلها إلى مفسدة لا يرضى الشارع بتحققها في الخارج، وفي واقع الأمر أن الفقيه لا يقوم بأيّ تغيير لحكم من أحكام الله تعالى، وإنما هو يشخص أن موضوع الحكم المعين قد تغير عما هو عليه فمن الطبيعي أن يتغير الحكم لأن الحكم يتبع موضوعه نفياً وثبوتاً.
رابعاً: البعد الاجتماعي
الحديث عن الثابت والمتغير في البعد الاجتماعي من الدين حديث له أهميته الخاصة باعتبار أن البعد الاجتماعي يستوعب قسطاً كبيراً من تعاليم الدين، إذ أن جميع الممارسات السلوكية والآداب الخلقية ومظاهر التعامل الاجتماعي التي يتميز بها المجتمع المسلم وتمثل تشخصه الاجتماعي العام تندرج ضمن هذا البعد.