ـ(79)ـ
ولقد سعى الإسلام لإعطاء المجتمع الإسلامي تمايزاً خاصاً على أساس استشعار أفراده بأنهم أمة واحدة يتحد جميع أفرادها في المصير ويشتركون في تحمل المسؤولية الإلهية في الاستخلاف على الأرض وأعمارها وإصلاحها وهداية البشرية إلى الصراط المستقيم فقال تعالى: [كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله …](1).
وقال عز شأنه: [وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس](2).
وقال جل جلاله [إنّ هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون](3).
وقال سبحانه: [واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته أخواناً وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون](4).
وعلى هذا الأساس ندرك أن الأمة الإسلامية تتحمل مسؤولية عظيمة في تجسيد القيم والمثل الأخلاقية والإنسانية التي دعى إليها الإسلام على أرض الواقع، ومن الضروري لهذه الأمة التي تريد النهوض بهذه المهمة الثقيلة أن تعي متطلبات الدور التاريخي الذي تريد الحركة والانطلاق في أجوائه، والذي يعطي للأمة هذا المستوى من الوعي هو معرفتها بخصائص المجتمع ونوعية القيم والأفكار التي تتحكم في صياغة مواقف أفراده وردود أفعالهم، والمرونة في التعامل مع المجتمع وتفهم الأساليب المناسبة لتغييره وتطويره، والانفتاح على مشاكل كل عصر وظروفه الخاصة به هي الأمور التي تمنح من يرغب في تغيير مجتمعه إلى الأفضل، القدرة على إنجاز هذه المهمة.
ومراعاة تغيرات الأحوال والظروف الاجتماعية في الأداء الاجتماعي
______________________
1 ـ آل عمران: 110.
2 ـ البقرة: 143.
3 ـ الأنبياء: 92.
4 ـ آل عمران: 103.