ـ(72)ـ
والحياة والقدرة … إلى غير ذلك من الصفات الكمالية الوجودية التي لا يمكن أن نتفك ذات الباري سبحانه وتعالى عنها.
ومما يعني الدين ببيانه في هذا المجال جملة من المعارف المتعلقة ببدء عالم الخلقة وكيفية صنع الله عزّ وجلّ وإتقانه لعالم التكوين، وبدء خلقة الإنسان باعتباره أشرف مخلوق خلقه الله تعالى بيده، وسخر كل ما في الكون لأجله وفي خدمته. ويهتم الدين في هذا المجال بتعريف الإنسان بكثير من الغيبيات التي يعجز عقل وإدراك البشر عن فهمها والإحاطة بكنهها والاطلاع على حقيقتها، من قبيل تعريفه على تفاصيل المستقبل الأخروي للإنسان، وإطلاعه على كنه الموجودات الأخرى التي يعجز حسه المباشر عن إدراكها كالملائكة والجن والشياطين.
وهذه المعارف وما شابهها هي ما يمكن أن تمثل "البعد العقيدي" في الدين، باعتبارها تكشف عن مجموعة من المعارف التي يلزم الإنسان المؤمن الاعتقاد والتصديق بها، وجملة من وهذه المعارف يكون دور الدين فيها هو دور الهداية والإرشاد لأن العقل الفطري المودع في الإنسان يستقل بإدراكها.
وحينما نريد أن نبحث عن مجالات التغير والثبات في البعد العقيدي فإننا سنجد أن الحقيقة التي يكشف عنها الدين في المجال العقيدي تحكي عن واقع لا يقبل التغير في ذاته، فالوحدة والخالقية والرازقية والقدرة وغير ذلك من الكمالات الوجودية التي يثبتها الدين للخالق عزّ وجلّ غير قابلة لأن تنفى عنه في وقت من الأوقات، وكذا الأمر في بقية الحقائق الكونية التي أشار إليها الدين. نعم ما يقبل التغير هو مستوى فهمنا وإدراكنا ـ نحن البشر ـ لهذه الحقائق، فعلى سبيل المثال ربما كان بعض الأوائل يعي أن الله سبحانه واحد بالوحدة العددية، ولكننا اليوم نرى أنه تعالى واحد بالوحدة الحقة الحقيقة وليس واحداً عددياً، وهكذا الأمر في جملة من الحقائق الدينية التي يتغير فهم البشر لكنهها ويتبدل وعيهم