ـ(71)ـ
الديني فيه الكثير من الحقائق التي لا يمكن اعتبارها حقائق زمانية قابلة لأن تلغى أو تبدل. ولا يستطيع أحد أن يزعم أن لا حقائق ثابتة في فهمنا الديني، وذلك لأننا نجزم أن لبنى الإنسان عقولاً تدرك بها العديد من الحقائق والمعارف، وجملة غير يسيرة من هذه الحقائق والمعارف تتطابق فيها الحقيقة الدينية مع الفهم البشري.

الفكرة الثالثة: مجالات الثبات والتغير في الدين
من أجل أن يكون الحديث في الثابت والمتغير حديثاً محدد الأبعاد واضح المعالم كنا بحاجة إلى الحديث عن مجالات الثبات والتغير بشكل مفصل، وإلاّ يبقى الحديث في العديد من جوانبه يكتنفه الغموض والإبهام، في الوقت الذي يكون عرضة لسوء الفهم من قبل البعض.
والذي نود قوله في هذا المقام أن الدين ـ بما ذكرنا له من تفسير متقدم ـ يمكن اعتباره منظومة فكرية شاملة وواسعة، لا يمكن اختزالها في بعد واحد أو جنبة معينة من أبعاد وجوانب الحياة والمعرفة. وسنتكلم عن كل الأبعاد الرئيسية في الدين مع الإشارة إلى طبيعة الثبات أو التغير التي تحكم كل بعد من الأبعاد المذكورة، وما يمكن ذكره من أبعاد رئيسية في الدين هو:

أولاً: البعد العقيدي
إذ الدين يشتمل أول ما يشتمل على رؤية كونية وجودية تستهدف تقديم صورة جلية عن جملة من الحقائق الوجودية، وفي مقدمة تلك الحقائق التي يبينها الدين حقيقة الخالق والرب المطلق وأنه واحد لا شريك له، وأن من صفاته العلم