ـ(70)ـ
الوحي الإلهي، أو عن طريق أحاديث النبي أو الرسول الخاصة والتي لا تكون وحياً سماوياً، ولكنها تكتسب مصونية وقدسية بحكم ارتباط النبي أو الرسول بالله تعالى ارتباطاً يمنعه من التحدث بغير ما يرتضيه الله سبحانه، ومن هنا يكون كلام المرسل من قبل الله تعالى كله حجة لأنه يتحدث عن الله جل جلاله وينقل مراده إلى خلقه، وهو ما نعيه من قوله تعالى في شأن نبيه الكريم محمد (صلى الله عليه وآله): [ما ضلّ صاحبكم وما غوى. وما ينطق عن الهوى. إنّ هو إلاّ وحي يوحي](1).
نقول إذا فسرنا الدين بهذا التفسير الواسع فإننا نلاحظ أن الدين يحتوي حينئذ على أحكام شرعية قابلة في بعض مجالاتها للتغير على أساس تغير الظروف وتبدل الموضوعات الخارجية كما سيأتي توضيحه في الفكرة الثالثة بإذنه تعالى.
وبهذا التفسير للدين يحوي الدين متبنيات عقيدية ورؤى فلسفية، وهذه الجنبة من الدين وإن كانت لا تقبل التغير بلحاظ ما تكشف عنه من واقع وجودي لا يقبل التبدل والتغير، إلا أنها قابلة للتغير على ضوء اتساع آفاق الفكر البشري وتجدد فهمه للدين واكتشافه أبعاداً في الدين لم يكتشفها السابقون ولم يتعرفوا عليها. وهذا ما سنتحدث عنه بشكل مفصل في الفكرة الثالثة أيضاً.
ومن هنا ندرك أن القول بوجود مجالات قابلة للتغير في الدين ـ على ضوء التفسير المتقدم ـ لا يعني أننا لا نمتلك ثوابت دينية غير قابلة للتغيير والتحويل، إذ الدين قد جاء لإصلاح الوضع الإنساني في جوانبه المتغيرة والثابتة فلابدّ أن يحمل جنبة ثبات وجنبة تغير.
وبطبيعة الحال حينما نقول بتغيّر الفهم الديني فهذا لا يعني أن لا ثوابت في الفهم الديني، فكما أن الدين يحوي حقائق غير قابلة للتغيير والتبديل فكذا الفهم
______________________
1 ـ النجم: 2 ـ 4.