ـ(68)ـ
الدين أولاً، والفكر الديني ثانياً. ونحن إذ نقول باختلاف المجالين لأننا نعي أن الدين يختلف في كثير من سماته عن الفكر الديني، إذ الدين هو تنزيل سماوي من قبل الله سبحانه وتعالى على رسول من رسله أو نبي من أنبيائه، فهو على هذا الأساس يتمتع بقدسية وصيانة يتوفر عليهما بحكم كون المنزل للدين هو الله تعالى الذي ينزهه العقل السليم عن كلّ موجبات التقصير والقصور، وتبرّىء الفطرة المستقيمة ساحته عن كلّ مقتضيات الغفلة والسهو والنسيان والخطأ والاشتباه. والمنزل عليه الدين هو الرسول أو النبي الذي ضمن الله عزّ وجلّ عصمته وأمانته على تبليغ أحكام الدين ومعارفه إلى الخلق.
وبالإضافة إلى حكم العقل الذي يدلنا على ضرورة تنزيه الله سبحانه عن كلّ نقص، وضرورة تنزيه الأنبياء والمرسلين عليهم أفضل الصلاة والسلام عن كلّ تقصير وقصور في تأدية وإبلاغ رسالاتهم الإلهية إلى الخلق، فإن القرآن المجيد يحفل بما يؤيد هذه الحقائق.
كقوله تعالى: [وبالحق أنزلناه وبالحق نزل](1).
وقولـه سبحانه: [وإنه لتنزيل رب العالمين. نزل به الروح الأمين. على قبلك لتكون من المنذرين](2).
وقولـه عزّ شأنه في حق المرسلين (ع) بشكل عام: [ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عباداً لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون](3).
وقولـه سبحانه في حق خاتم النبيين (صلى الله عليه وآله) بشكل خاص: [إنه لقول رسول كريم. وما هو بقول شاعر قليلاً ما تؤمنون. ولا بقول كاهن قليلاً ما
______________________
1 ـ الإسراء: 105.
2 ـ الشعراء: 192 ـ 194.
3 ـ آل عمران: 79.