ـ(67)ـ
حيثيات الزمان والمكان والتغيرات التي تطرأ على مجمل الأوضاع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وغيرها. وعلى هذا الأساس يمكن للفقيه أن يختلف مع غيره من الفقهاء السابقين في حكم مسئلة من المسائل الشرعية، وربما أثر تغير الأوضاع وتبدل الظروف في الأسس التي يراعيها الفقيه في عملية الاستنباط نفسها، إذ أننا نلاحظ أن طريقة ومنهجية الاستنباط نفسها كانت تتطور وتنمو بحكم تأثر الفقيه بما يحيط به من ظروف وما يعاصره من قضايا متنوعة.
نعم .. يبقى من اللازم أن نشير في هذا المجال إلى التقصيرات التي ربما تنشأ وقد نشأت في بعض الممارسات الفقهية حينما يبتعد البعض من الفقهاء عن تفهم مشاكل العصر فيعجزون عن تقديم حلول لها، أو يقدمون الحلول التي يعجز الواقع عن قبولها، وبذلك يبقى المكلف تتجاذبه من جهة رغبته في إطاعة الحكم الشرعي، ومن جهة أخرى ضغوطات الواقع التي تمنعه من تحقيق رغبته في امتثال الحكم الشرعي.
وعلى هذا الأساس نستشعر ضرورة أن يفكر المهتمون بالشأن الفقهي الإسلامي في مسئلة تطبيق الإسلام وفاعليته في الحياة بالمستوى الذي يفكرون فيه في الإجابة على أية قضية مستحدثة أو مشكلة مستجدة. لأن الله تعالى لم يرد للإسلام أن يبقي أفكاراً ونظرات في بطون الكتب والأسفار من دون أن يتجسد في الواقع ويشق طريقه إلى حياة الناس وممارساتهم اليومية.
الفكرة الثانية: الثابت والمتغير في الدين والفكر الديني
يبدو من المهم جداً في الحديث عن الثابت والمتغير التفريق بين مجالين مختلفين أشد الاختلاف بينما هما مترابطان أشد الترابط، وهذان المجالان هما: