ـ(65)ـ
العصور، وليس من المقبول أبداً أن تتغير الظروف والأحوال البشرية في الوقت الذي تتوقف أجوبة الإسلام وحلول الفكر الديني عند إثارات الماضي ومشاكل السابقين.
والذي نستطيع قوله في الإجابة على هاتين الاثارتين هو التالي:
أما بالنسبة إلى الإثارة الأولى: أعني "الجنبة المفهومية" فإن ما يمكن قوله هو أن هذه الجنبة أو الإثارة وإن غفل أو تغافل بعض المفكرين عن بيانها وإستثارتها، إلاّ أن الكثير من تعابير النصوص الإسلاميّة تدلنا على اهتمام بالغ بضرورة استجابة الدين لتطورات الوعي البشري وقدرة الدين الإسلامي بشكل خاص على القيام بها الأمر.
وما تطرحه النصوص الإسلاميّة في هذا الشأن هو أن دلالات النص لا تتوقف عند مستوى واحد من الفهم، بل هي تعدد وتتنوع بتعدد وتنوع الأزمان والأشخاص ومستويات الفهم والإدراك. وأن النص له قابلية الانفتاح على قراءات مختلفة، تتجدد وتتسع بتجدد أفكار البشر واتساع مداركهم المعرفية. ويمكننا القول أن النصوص الإسلاميّة جعلت انفتاح النص على الأفهام المختلفة وقابليته للقراءات المتنوعة ميزة أساسية وحيوية من ميزات النص الديني.
وهذا ما يفيدنا إياه الإمام علي (عليه السلام) في حديثه عن القرآن الكريم حينما يصفه بالقول: (وإن القرآن ظاهره أنيق وباطنه عميق، لا تفنى عجائبه، ولا تنقضي غرائبه، ولا تكشف الظلمات إلاّ به)، وفي قوله (عليه السلام): (واعلموا إنّ هذا القرآن هو الناصح الذي لا يغش، والهادي الذي لا يضل، والمحدث الذي لا يكذب. وما جالس هذا القرآن أحد إلاّ قام عنه بزيادة أو نقصان: زيادة في هدى أو نقصان من عمى).
ونشير إلى هذه القابلية التي يتمتع بها النص الديني في ما روى العيّاشي