ـ(55)ـ
الاصطلاحي، وهو الذي تسالم، عليه المسلمون ـ في الجملة ـ من كونها قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وفعله، وتقريره، واستدلوا على حجيتها، وناقشوا المنكرين لها، ثم قسموها تارة إلى السنة القولية، والفعلية، والتقريرية، وتارة أخرى إلى السنة المتصلة السند، وهي الأخبار المتواترة، وأخبار الآحاد، والسنة غير المتصلة السند، وهي المراسيل، ثم عرفوا كلّ قسم من هذه الأقسام، وحكمه، وشرطه، فالسنة المتواترة هي: "ما رواها عن الرسول، وآله جمع يمتنع عادة تواطؤهم على الكذب في العصور الثلاثة الأولى: عصر الصحابة، أو التابعين، وتابعي التابعين (1). لأن النقل بعد ذلك صار بطريق التدوين، وحكم التواتر أنّه يفيد العلم، واليقين، وأن جاحده كافر،(2). وأن الاحتجاج به بقوة الاحتجاج بالقرآن،(3). وذكروا للتواتر شروطاً عديدة اتفقوا على ثلاثة منها هي:
1 ـ أن تكون الرواية مستندة إلى الحس، لا إلى العقل.
2 ـ أن يستوي طرفا التواتر، ووسطه في العدد المطلوب من الرواة، وفي كون الرواية عن حس، ولا تستند إلى العقل، أي إنّ النقل في العصور الثلاثة يكون مشتملا على الشرطين الأول، والثالث، فلا يتخلف عصر منها عن أحد الشرطين.
3 ـ تعدد الرواة بحيث يمتنع التواطؤ على الكذب،(4). ولا صحة لما ذكر من التحديد بخمسة، أو سبعة، أو عشرة، أو ثلاثمائة … لأن هذه التحديدات لا ترجع إلى أساس عقلي، ولا نقلي(5). والمدار هو إفادة الخبر المتواتر للعلم.
أمّا سنّة الآحاد، فهي "ما رواها عن الرسول (صلى الله عليه وآله) آحاد لم تبلغ عدد التواتر"، وحكمها أنها تفيد الظن لا اليقين، ويؤخذ بها في الفروع دون الأصول الاعتقادية للشك في ثبوتها، واختار الآمدي أنها تفيد اليقين إذا احتفت
______________________
1 ـ الزحيلي، د. وهبة. المصدر السابق: 452.
2 ـ المصدر السابق: 453.
3 ـ أبو زهرة، محمد، أصول الفقه: 108.
4 ـ الزحيلي، د. وهبة، المصدر السابق: 452.
5 ـ المصدر السابق: 453.