ـ(49)ـ
حجيتها بهذه الدرجة من الوضوح، فان إقامة البرهان عليها لا معنى له لأن أقصى ما يأتي به البرهان هو العلم بالحجية، وهو حاصل فعلاً بدون الرجوع إليه، ولكن الأعلام من الأصوليين درجوا على ذكر الأدلة على ذلك من الكتاب، والسنة، والإجماع، والعقل، ولابد لنا من مجاراتهم في هذا المجال…"(1). والحقيقة أن فقهاء، وأصولي المذاهب الأربعة أفاضوا في إثبات حجية السنة، وتوسعوا في النقض والإبرام بما لا مزيد عليه كالامام الشافعي في كتابه "الام"، وحجة الإسلام الغزالي في كتابه "المستصفى من علم الأصول". ومحمد بن علي الشوكاني في كتابه "إرشاد الفحول إلى علم الأصول"، والشيخ محمّد أبو زهرة في كتابه "أصول الفقه"، والشيخ الدكتور وهبة الزحيلي في كتابه "أصول الفقه الإسلامي"، وغيرهم من القدماء، والمتأخرين، والمحدثين. بينما طوى أصوليو المذهب الإمامي صفحة هذا البحث، ولم يتناولوه اعتماداً على بداهته، وكونه نوعاً من تحصيل الحاصل كما نقلنا عن السيد محمّد تقي الحكيم الذي طرح هذا البحث مجاراةً لما جرى عليه أصوليو والمذاهب الأربعة حيث استدلوا على حجية السنة بما يلي:

1 ـ القرآن الكريم:
فهو الذي ارشد إلى حجية السنة النبوية بقوله تعالى: [... أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول...](2).
وبقولـه تعالى: [… وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا…](3). وبقوله تعالى: [من يطع الرسول فقد أطاع الله …](4). واستدلّ الغزالي بقوله
______________________
1 ـ الحكيم، محمّد تقي، السنة في الشريعة الإسلامية 12 (فصل مستقل من كتابه الأصول العامة للفقه المقارن).
2 ـ النساء: 59.
3 ـ النساء: 80.
4 ـ الحشر: 7.