ـ(48)ـ
الكريم، وعلى هذا أجمع المسلمون إلاّ من شذّ وندر من الخوارج وأيّدهم في ذلك الزنادقة(1).
والأهمية التشريعية للسنّة تتمثل في كونها المصدر الثاني في التشريع الإسلامي، ولولاها لأصبح هذا التشريع مجملاً لا يشتمل إلاّ على الروح والأصول التشريعية العامة مع عددٍ غير كافٍ من الأحكام التفريعية..
والسنة لغة تعني: الطريقة المسلوكة بنحو الدوام والاستمرار. وفي الاصطلاح الفقهي يراد بها معنى مرادفا للاستحباب تارة، ومعنى مقابلاً للبدعة تارة أخرى، وقد يستعمل المعنى الثاني في الاصطلاح الكلامي أيضاً. أما في الاصطلاح الأصولي، فالقدر المتفق عليه بين المذاهب الإسلاميّة هو: أن السنّة هي قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)أو فعله، أو تقريره. وحيث يُثبت المذهب الإمامي بأدلة عديدة أن الإمام من آل البيت (عليهم السلام) يجري قوله، وفعله، وتقريره مجرى قول، وفعل، وتقرير النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)وأن الأئمة (عليهم السلام) هم الحجج على العباد من بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)لذا توسعوا في تعريف السنة بحيث يشمل سنة الإمام (عليه السلام)، فأصبحت السنة باصطلاحهم تعنى: "قول المعصوم، أو فعله، أو تقريره"(2).
وحجية السنة أمر بديهي لا يحتاج إلى بيان وإثبات لمن استقامت سليقته، واعتدلت طريقته، ولو لم تكن حجة لكانت وصايا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وتعاليمه، وتوجيهاته لغواً، ولما احتاج المسملون إلى أقواله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولأصبحت إجاباته عن أسئلتهم بغير طائل بل لكانت آيات القرآن الداعية إلى التأسي بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وطاعته، والأخذ عنه، والانتهاء بنهيه لاغية لا معنى لها. ومن هنا قال العلامة السيد محمد تقي الحكيم "إني لا أكاد أفهم معنىّ للإسلام بدون السنّة، ومتى كانت
______________________
1 ـ الزحيلي، د. وهبة، أصول الفقه الإسلامي 1: 450.
2 ـ المظفر، محمد رضا، أصول الفقه 2:61.