ـ(38)ـ
اللفظ بين أهل السنة. تتداوله الألسن والأقلام، دون اللفظ الأول مع تضافر طرقه وصحة أسانيده، وقد أوّلوه تأويلا خارجاً عن جعل العترة مرجعا للانام.
وقد يجمع بين اللفظين بأن الثابت في الأخير هو اعتبار نفس السنة، وفي الأول هو الطريق إلى السنة، وهي عترة النبي: كما أنّ من أراد التصالح بين الفريقين يقول: النبي (عليه السلام) أرشد الأمة في الأول إلى أوثق الطرق إلى سنته وهي العترة ولم يمنع من الأخذ بها عن طريق أصحابه بل أوصى أيضاً في روايات أخرى. ولست أنا الآن بصدد النقض والإبرام والتركيز على القول المرفوض والقول المقبول والفصل بين القولين وإنما أريد الوصول إلى نتائج ربما تنتهي إلى الوفاق أو إلى التأليف والوئام ورفض الجدال والخصام، فإذا كان عند كلّ من الفريقين ما اعتبروه حجة بينهم وبين الله في حقل الشريعة والعقيدة من السنة المطهرة، عن طرق موثوق بها عندهم، فليس لأي منهما أن ينسب إلى الآخر القول بالبدعة والخروج عن السنة، مادام كلّ منهما بحسب معتقده يعمل ويلتزم بالسنة ويرفض البدعة.
كيف يجوز التقوّل بذلك مع ما نعلم ويعلمه الخبراء أن لكل من الفريقين أسلوبا خاصا في طرق تحصيل الحديث ونقده حيث يحتاطان في أخذ الحديث تماما حسب المعايير العلمية المقبولة لديهما. وعندهما علم باسم "مصطلح الحديث"أو "دراية الحديث" ولهما كتب ومؤلفات ومصطلحات في أقسام الحديث وأحكامه، وما يعتبر منه ومالا يعتبر. وهناك علم آخر باسم "علم الرجال" لتوثيق الرواة وللجرح والتعديل وتمييز الصادق عن الكاذب بين الرواة والأصيل والتصديق من الروايات.
والحق أن ذلك يعدّ مفخرة للإسلام والمسلمين حيث أنهم يحتاطون ويستوثقون تماما في أخذ الحديث ورده، وفي تصحيحه وتضعيفه بما لا يوجد عند