ـ(39)ـ
ملة أخرى عملا بقوله تعالى [إنّ جاءكم فاسق بنبأ فتبيّنوا](1). واعتباراً بما ثبت متواتراً عن النبي (عليه السلام): "من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار".
ونحن نعلم ما تحمّله السابقون في هذا السبيل من الجهود الجبارة، من غير فرق بين السنة والشيعة، ومع الاعتراف بهذه الحقيقة نعتقد أنّ الباب بعد مفتوح أمام الباحثين والخبراء، وأنه بقيت على عاتقهم متابعة السلف في تنقيح الأحاديث، وأن لا يزعموا أن السلف بلغوا نهاية المطاف، وأنه لم يترك الأول للآخر شيئاً، كلا.
كما أن الواجب علينا جميعاً أن لا نكتفي ولا نغتر بما ثبت من الحديث لدى طائفتنا، وعن طريقنا خاصة، تاركين ما جاء عن طريق الآخرين، وما ثبت عندهم. فمن كان له خبرة أو إلمام بعلم الحديث يعلم علماً يقيناً ويعترف، أو لابد له أن يعلم ويعترف في مجال الحديث بحقائق كالآتي:
1 ـ رواة الحديث من الشيعة والسنة كانوا مختلطين ومشاركين معا في تحمّل الحديث ونقله منذ عصر الصحابة إلى أواخر القرن الثاني، فكان يأخذ بعضهم عن بعض أو يأخذون معا عن شيخ واحد يوافقهم في الرأي أو يخالفهم، ولم يكن اختلاف المسلك والهوى يفرق بينهم في أخذ الحديث عن الشيوخ وفي تعاطي العلم بينهم. ببعضهم البعض.
2 ـ جماعة كبيرة من رواة حديث أهل السنة أمثال محمّد بن شهاب الزهري، والامام مالك بن أنس، والامام أبي حنيفة، والامام الوزاعي، والثوري، إلى عشرات بل مئات غيرهم تعلّموا الحديث عن الأئمة من آل البيت، كعلي بن
______________________
1 ـ سورة الحجرات / 6.