ـ(36)ـ
اعتبار السنة وحجيتها:
ليس هناك خلاف بين المذاهب الإسلاميّة من السنة والشيعة في حجيّة سنّة النبي بمعناها الأصلي، بل هي من ضروريات الإسلام مثل حجية الكتاب، وقد نصّ عليه القرآن حيث قال: [وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا](1). ويدل عليها ما دلّ من الآيات على وجوب طاعة الله ورسوله ووجوب الردّ إليهما.
وقد نصّ الفريقان على حجية الكتاب والسنّة في علم الأصول واستندا بهما في الفقه. جاء في كتاب الكافي للشيخ محمّد بن يعقوب الكليني (م 329) باب تحت عنوان "الردّ إلى الكتاب والسنّة وأنه ليس شيء من الحلال والحرام وجميع ما يحتاج الناس إليه إلاّ وقد جاءت فيه كتابٌ أو سنّة"(2). وباب آخر بعنوان "الأخذ بالسنة وشواهد الكتاب"(3). وثمة روايات عن الإمامين الصادق والباقر ـ (عليهما السلام) ـ، مضمونها: "ما من شيء إلاّ وفيه كتاب أو سنة"(4). وجاء في كتب الصحاح والسنن باب أو أبواب مضمونها "الاعتصام بالكتاب والسنة"(5).
نعم، لا خلاف في حجية النسة بين المذاهب الإسلامية، وإنما الخلاف بينها في طريق إثبات السنة، وبتعبير أدق إنّ الاختلاف واقع في السنة الحاكية والأحاديث التي تحمل السنة لا السنة نفسها، فإن السنة بهذا المعنى أي الأحاديث ليست شيئاً ملموساً بأيدينا ولا معقولاً وثابتاً بعقولنا، وإنما هي مسموعات بوسائط كثيرة عن النبي، والأحاديث ـ كما تعلمون ـ فيها الصدق والكذب، ومنها الصحيح والسقيم والجيد والرديء، فلابدّ إذاً من إثبات السنة بطرق موثوق بها، ولا نقول بطرق قطعية، لأنها قليلة ربما لا تتجاوز الخمسين.
______________________
1 ـ سورة الحشر ـ 7.
2 ـ الكافي ط طهران ج1 / 59.
3 ـ نفس المصدر / 69.
4 ـ نفس المصدر / 59.
5 ـ التاج الجامع للأصول ط طهران ج1/ 64.