ـ(183)ـ
المحاكم الخاصة بأهل الذمة:
لقد أعطى الإسلام الحرية التامة لأهل الذمة من اليهود، والنصارى في أن يتحاكموا فيما بينهم طبقاً لشريعتهم، لا يتدخل القضاء الإسلامي في ذلك ولا يعترض على أحكامهم، ولكن إذا أراد الذمي أن يترافع في محاكم المسلمين، فله الحق في ذلك، ويحكم له القاضي المسلم وفقاً للشريعة الإسلاميّة، لا وفقاً لشريعته، فعن علي بن أبي طالب (عليه السلام) أنّه قال: "إذا ترافع إلى القاضي أهل الكتاب، قضى بينهم بما أنزل الله جل وعز، كما قال تبارك اسمه" (1). بل أن الإسلام أمر القاضي أن يقبل دعوى الكتابي في إهراق خمره، أو قتل خنزيره من قبل المسلم لأن الخمر، والخنزير يملكهما الكتابي، وهما من الأمور المباحة لديه، أما القضاء الإسلامي، فلا يقبل دعوى المسلم على الغير في هاتين القضيتين لأن الإسلام قد حرم الخمر، والخنزير عليه، وهذه هي منتهى حقوق الإنسان في الشريعة الإسلاميّة كما أكدته لنا النصوص الفقهية التالية:
"يعتبر في سماع الدعوى أن يكون متعلقها أمراً سائغاً، ومشروعاً، فلا تسمع دعوى المسلم على آخر في ذمته خمراً، أو خنزيراً، أو ما شاكلها"(2).
فمفهوم المخالفة يقتضي: بأنه تقبل تلك الدعاوى لأصحاب الكتاب لأن متعلقها أمر سائغ في شريعتهم.
مبدأ المحاماة والدفاع في القضاء الإسلامي:
أجاز الإسلام للمتداعيين انتخاب المحامين، والمدافعين، والوكلاء، كي يقوموا بواجب الدفاع، والحضور بدلاً عنهم، خاصة إذا كانوا بحاجة إليهم ولم يستطيعوا أن يباشروا هذا الأمر بأنفسهم، أو أنهم ليس لديهم الرغبة في الحضور
______________________
1 ـ دعائم الإسلام ـ ج2 ـ ص 540 .
2 ـ تكملة منهاج الصالحين ـ الإمام الخوئي (رض). باب القضاء : ص 13.