ـ(183)ـ
الإمام (عليه السلام) الرشوة مالاً محرماً كالذي يأخذ الأجرة على القيادة والسحر والبغاء وكتب علي (عليه السلام) إلى رفاعة: "أحذر التحف من الخصوم، وحاذر الدخلة"(1). ففي هذا النص الشريف نجد الإمام (عليه السلام) يحذر رفاعه القاضي من قبول التحف، والدخلة من المتحاصمين، وقبول رشوتهم بأي عنوان كانت سواء بعنوان الهبة، أو الهدية، فكل ذلك محرم على القاضي، كذلك لا يجوز للقاضي أن يسمح لغير المتخاصمين أن يتدخل في سير المرافعات، ويتوسط لديه بأن يحكم لصالح فريق دون الآخر، وهذا هو المراد من قوله (عليه السلام): (... وحاذر الدخلة)

الحكم الغيابي واستئناف الدعوى، ومبدأ الكفالة والضمان:
لقد أعطى الإسلام للقضاء حق الحكم على المدعى عليه غيابياً، حتّى لا يقع غبن على المدعي، ولكن إذا عاد المدعى عليه (المحكوم غيابياً) فله الحق حينئذ أن يستأنف الدعوى من الأساس، بحيث يعطيه القضاء الإسلامي الحق في الدفاع عن نفسه حضورياً، فعن الباقر والصادق (عليه السلام): "الغائب يقضى عليه إذا قامت عليه البينة، ويباع ماله ويقضى عنه دينه، وهو غائب، ويكون الغائب على حجته إذا قدم، قال: ولا يدفع المال إلى الذي أقام البينة إلاّ بكفلاء" (2). فإذا إذا صدر الحكم عليه، وهو غائب ودفع ماله إلى المدعي، فيجب حينئذٍ أن يأتي المدعي بكفلاء يضمنون المال، لأنه في حال عودة المدعى عليه يكون ماله مضموناً، وهذا هو (مبدأ الكفالة والضمان) في القضاء الإسلامي وهو من أرقى الأنظمة القانونية في العالم، وقد سبق الإسلام في هذا الجانب الدساتير والقوانين الوضعية الحديثة.
______________________
1 ـ المصدر السابق .
2 ـ النهاية ـ الشيخ الطوسي ـ ص 355.