ـ(181)ـ
(من أفتى بفتيا من غير تثبت (علم) فإنما أثمه على من أفتاه)(1). فكل حكم وكل حادثة لها حل في الشريعة الإسلاميّة بحيث لم تترك قضية واحدة إلاّ أعطت فيها الرأي المناسب، وهذه هي عظمة القوانين الإسلاميّة، فعن جعفر بن محمّد (عليه السلام): أنّه (سئل عما يقضي به القاضي قال: بالكتاب، قيل: فما لم يكن في الكتاب، قال: بالسنة قيل: فما لم يكن في الكتاب، ولا في السنة، قال: ليس من شيء هو من دين الله، إلاّ، وهو في الكتاب، والسنة، قد أكمل الله الدين، فقال جل ذكره: "اليوم أكملت لكم دينكم"(2)، ثم قال (عليه السلام): "يوفق الله ويسدد لذلك من شاء من خلقه، وليس كما تظنون"(3). والإمام (عليه السلام) يعني بالعبارة الأخيرة أن الله يوفق عباده المخلصين للاجتهاد في الشريعة، واستنباط الأحكام من مظانها الأصلية بحيث يعطون الأحكام المناسبة لمستحدثات المسائل المستجدة بعد زمن النبي (صلى الله عليه وآله)، وقد أغنت أحاديث، وممارسات الرسول (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام) المكتبة الإسلاميّة، وأعطت لكل واقعة حلاّ ولا يمكن لأحد أن يخالف ما سنّهُ الرسول (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام) والذين هم اقضى المسلمين عموماً، فعن الصادق (عليه السلام) في حديث طويل أنّه قال لأبي ليلى: ... (ألم يبلغك قوله (صلى الله عليه وآله) لأصحابه: أقضاكم علي ؟ قال: نعم، قال: فإذا خالفت قوله: ألم تخالف قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؟) .. الخ (4). الحديث، فإن الإسلام قد حذر القاضي من أن يخطأ حكم الله، فكيف به، وهو يخالف هذا الحكم، فعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّه قال: "من حكم في قيمة عشرة دراهم فأخطأ حكم الله جاء يوم القيامة مغلولة يده، ومن أفتى بغير علم لعنته ملائكة السماء، وملائكة الأرض"(5)، وهذه الأحاديث أن دلت على شيء فإنما تدل على كبر وعظم مسؤولية القضاء،
______________________
1 ـ منية المريد ـ الشهيد الثاني.
2 ـ المائدة : 03
3 ـ دعائم الإسلام ـ ج2 ـ ص 535 .
4 ـ دعائم الإسلام ـ ج 1 ـ ص 92 ـ مستدرك الوسائل ـ ج 17 ـ كتاب القضاء .
5 ـ دعائم الإسلام ـ ج 2 ـ ص 528.