ـ(18)ـ
فقط، ومنه ما يعلم بغير ذلك، والمنقول إما عن المعصوم أو غيره، ومنه ما يمكن معرفة الصحيح منه من عيره ومنه مالا يمكن ... فما كان منها منقولا نقلا صحيحا عن النبي قبل، ومالا ـ بأن نقل عن أهل الكتاب ككعب ووهب ـ وقف عن تصديقه وتكذيبه لقوله (صلى الله عليه وآله): "إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم". وكذا ما نقل عن بعض التابعين وأن لم يذكر أنّه أخذه من أهل الكتاب، فمتى اختلف التابعون لم يكن بعض أقوالهم حجة على بعض، وما نقل عن الصحابة نقلا صحيحا فالنفس إليه أسكن مما ينقل عن التابعين، لأن احتمال أن يكون سمعه من النبي (صلى الله عليه وآله) أو من بعض من سمعه منه أقوى، ولأن نقل الصحابة عن أهل الكتاب أقل من نقل التابعين"(1).
وقال الامام البلاغي في مقدمة تفسيره (آلاء الرحمن): "وأما الرجوع في التفسير وأسباب النزول إلى أمثال عكرمة ومجاهد وعطاء وضحاك كما ملئت كتب التفسير بأقوالهم المرسلة فهو مما لا يعذر فيه المسلم في أمر دينه فيما بينه وبين الله ولا تقوم به الحجة لأن تلك الأقوال آن كانت روايات فهي مراسيل مقطوعة ولا يكون حجة من المسانيد إلاّ ما ابتني على قواعد العلم الديني الرصينة، ولو لم يكن من الصوارف عنهم إلاّ ما ذكر في كتب الرجال لأهل السنة لكفى، وإن الجرح مقدم على التعديل إذا تعارضا، فانظر إلى ميزان الذهبي من كتب الرجال أقلا"(2).
وهناك قاعدة عند علماء أصول الفقه تقضي بأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وعلى ضوء هذه القاعدة لا تكون أسباب النزول مخصصة لمداليل الآيات إذا كانت لها حسب المنطوق والملاك عمومية من الدلالة. وفي ذلك يقول العلامة الطباطبائي: "ما ورد من شأن النزول لا يوجب قصر الحكم على
______________________
1 ـ الاتقان في علوم القرآن 4: 204 ـ 205.
2 ـ آلاء الرحمن، الشيخ البلاغي، قم: 45 ـ 46.