ـ(17)ـ
الضرورية من الأحكام والقوانين الإسلامية هي التي تسببت في نزول كثير من السور والآيات، ومعرفة هذه الأسباب يساعد إلى حد كبير في معرفة الآيات القرآنية وما فيها من المعاني والإسرار وقد اعتنى بذلك المفسرون في كتبهم وأفردوا فيه تصانيف ومن أشهرها أسباب النزول للواحدي، قال في مقدمة كتابه: "هي [أسباب النزول] أدعى ما يجب الوقوف على قصتها وبيان نزولها"(1).
هذا، ولكن المشكلة هنا هي طريق الحصول على أسباب النزول بحيث تطمئن به النفس وتسكن حتّى لا يكون تكلماً على كلام الله سبحانه بغير علم، وذلك للوقوف والإرسال في أسانيدها والاختلاف والتعارض في مداليلها، مع ظاهرة الوضع والدس في الأحاديث التي لا يكاد ينكرها أحد من أهل التحقيق. ومن هنا تردد جملة من المفسرين في قبولها والتجأوا في قولها إلى قرائن من القرآن أو غيره تؤيدها ورفضوا غيرها. يقول السيد رشيد رضا في فاتحة تفسير المنار: "وأمّا الروايات المأثورة عن النبي (صلى الله عليه وآله) وأصحابه وعلماء التابعين في التفسير فمنها ما هو ضروري أيضا، لأن ما صح من المرفوع لا يقدم عليه شيء، ويليه ما صح عن علماء الصحابة مما يتعلق بالمعاني اللغوية أو عمل عصرهم، والصحيح من هذا وذاك قليل، وأكثر التفسير بالمأثور قد سرى إلى الرواة من زنادقة اليهود والفرس ومسلمة أهل الكتاب، كما قال الحافظ ابن كثير: "وجل ذلك من قصص الرسل مع أقوالهم ـ إلى أن قال: ـ ولذلك قال الامام أحمد: ثلاثة ليس لها أصل، التفسير والملاحم والمغازي.
قال ابن تيمية: والاختلاف في التفسير على نوعين: منه ما مستنده النقل
______________________
1 ـ أسباب النزول، انتشارات الشريف الرضي: 4.