ـ(179)ـ
كي يختاروا من ينظر، ويقضي في قضاياهم، وليس للسلطة العليا في الدولة الحق في التدخل لإجبارهم على التقاضي عند قاض معين، وهذا المبدأ السامي قد أقره رسول الله (صلى الله عليه وآله) في هذه الحادثة التي رواها لنا الإمام علي (عليه السلام) .
كذلك للقضاة استقلاليتهم ولا يجوز لأحد أن ينقض حكمهم، أو يلغي مسار المرافعات ما دام حكمهم موافقاً للشرع الحنيف، فقد أكدت النصوص الفقهية على أنّه: "لا يجوز الترافع إلى حاكم آخر بعد حكم الحاكم الأول، ولا يجوز للآخر نقض حكم الأول إلاّ إذا لم يكن الحاكم الأول واجداً للشرائط، أو كان حكمه مخالفاً لما ثبت قطعاً من الكتاب والسنة"(1).

حق تمييز الأحكام، والإدعاء العام:
هناك نوعان من الأحكام يجوز للمترافع أن يميزها إلى السلطة القضائية العليا، المتمثلة بالنبي (صلى الله عليه وآله)، أو الإمام، أو الفقيه الجامع للشرائط، وفي يومنا هذا تسمى (محكمة التمييز) أو المحكمة العليا، والتي يكون لها الحق في النظر في الحكم الصادر من المحكمة البدائية:
1 ـ إذا كان الحكم مخالفاً لكتاب الله، وسنة رسوله، والقوانين الإسلاميّة الثابتة في الكتاب، والسنة، ففي هذه الحالة من حق المتداعيين تمييز هذا الحكم.
2 ـ إذا كان القاضي لا تتوفر فيه الشروط المرعية في تولي القضاء، من قبيل العدالة، والعقل، والبلوغ ... الخ من الشروط الأخرى، أو كان مشهوراً بالجور، والظلم، ففي هذه الحالة يكون للمتداعيين الحق في تمييز حكم هذا القاضي.
فعن أبي عبدالله عن أبيه عن آبائه (عليهم السلام)، قال: "قال رسول
______________________
1 ـ تكملة منهاج الصالحين ـ الإمام الخوئي (رض) ـ كتاب القضاه ص 8.