ـ(177)ـ
تتوفر فيهم الشروط الأساسية الأخرى، وهذه هي عظمة الإسلام، كذلك يجوز أن يتولى القضاء من لا يستطيع القراءة، والكتابة لعلة العمى ولفقدانه البصر، فإن العبرة بالشروط الأخرى والتي تؤهله لتولي هذا المنصب من قبيل العلم، والتقوى، والعدالة، والذكاء وغيرها من الشروط الأساسية لتولي منصب القضاء.
هل يجوز الترافع عند حكام الجور؟:
إنّ الإسلام عندما يتشدد في شروط القاضي، ويؤكد على كونه عادلاً، فهذا يعني أنّه لا يجوز أن يتقاضى المسلمون إلى حاكم جائر، فعن أبي بصير، عن أبي عبدالله الصادق (عليه السلام): في قولـه تعالى: [ألم تر إلى الّذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك، وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكوا إلى الطاغوت](1). فقال: (يا أبا محمّد، أنّه لو كان لك على رجل حق، فدعوته إلى حكام أهل العدل، فأبى عليك إلاّ أن يرافعك إلى حكام أهل الجور ليقضوا له، كان ممن حاكم إلى الطاغوت)(2).
فنحن نرى في هذا النص الشريف نهياً صريحاً عن الترافع عند حكام الجور، وهذا ما أكده حديث الرسول (صلى الله عليه وآله)، الذي رواه القطب الراوندي في كتابه "لب اللباب" (مخطوط): (إني أخاف على أمتي من بعدي ثلاثة: زلة عالم، وحكم جائر، وهوى متبع) بل أن الأولى أن يترافع المسلم إلى قاض يعرف، ويعلم أحكام الله وسنة رسوله (صلى الله عليه وآله)، وأهل بيته الطاهرين، فعن جعفر بن محمّد (عليه السلام)، أنّه قال يوماً لأصحابه: "إياكم أن يخاصم بعضكم بعضاً إلى أهل الجور، ولكن انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئاً من قضايانا فاجعلوه بينكم، فإني قد جعلته قاضياً، فتحاكموا إليه"(3).
______________________
1 ـ النساء: 60.
2ـ مستدرك الوسائل: ج17 ـ كتاب القضاء.
3 ـ المصدر السابق، (العدالة: شرط عند الإمامية والمالكية الشافعية والحنابلة فلا يجوز تولية الفاسق، ولا مرفوض الشهادة بسبب إقامة حد القذف عليه مثلاً وخالفهم الحنفية فقالوا: الفاسق أهل للقضاء، فلو عين قاضياً صح قضاؤه). "انظر: الفقه الإسلامي وأدلته: د. وهبة الزحيلي ج 6: ص 744 ـ 745".