ـ(175)ـ
التقوى، ثم حينئذ إنّ قدر) (1). فنحن نرى شروطاً دقيقة في من يتولى القضاء، وقد فصل فقهاؤنا هذه الشروط كما يأتي:
1 ـ البلوغ 2 ـ العقل 3 ـ الذكورة 4 ـ الإيمان 5 ـ طهارة المولد 6 ـ العدالة
7 ـ الرشد 8 ـ الاجتهاد، بل الضبط على وجه، ولا تعتبر فيه الحرية كما لا تعتبر فيه الكتابة ولا البصر، فإن العبرة بالبصيرة) (2).
فنحن إذا تمعنا في هذا النص الفقهي نجد أن الإسلام اهتم أولاً في أن يكون القاصي بالغاً ففي البلوغ يكتمل النضوج الذهني للإنسان، فليس صحيحاً أن يتولى القضاء من لم يبلغ السن القانونية، وهي البلوغ إضافة لذلك الشرط يجب أن يكون عاقلا، وليس فيه نقص في قواه الذهنية، ويجب أن يكون ذكراً فإن الإسلام حرم تولي المرأة (3). لهذا المنصب الحساس، لان المرأة بطبيعتها الأنثوية مرهفة الأحاسيس، ولما لها من شفقة وحنان بحيث يمكن أن تخدعها دموع المتخاصمين، فتحكم وفقا لعواطفها، كذلك المرأة معرضة لحالات الحمل، والولادة، والعادة الشهرية، ورضاعة الأطفال، والسهر على تربيتهم، فكل هذه العوارض الطبيعية التكوينية تؤثر سلباً على قابلياتها سواء من الناحية النفسية أو الجسدية، فلكل هذه الأسباب حرم الإسلام على المرأة أن تتولى أمراً لا طاقة لها به، فهو دين يسر لا يمكن أن يكلف الإنسان فوق طاقته لقوله تعالى: [لا يكلف الله نفساً إلاّ وسعها لها ما كسبت، وعليها ما اكتسبت](4).
وقد ذكر الشيخ المفيد في حديث طويل عن ابن عباس (رضي الله عنه) عن
______________________
1 ـ مصباح الشريعة / ص 351.
2 ـ تكملة المنهاج ـ الامام الخوئي "رض" ـ كتاب القضاء /ص 26 .
3 ـ حرم الإمامية والمالكية والشافعية والحنابلة تولي المرأة القضاء، أما الحنفية فأجازوا قضاءها في الأموال دون الحدود والقصاص، وذهب ابن جرير الطبري إلى القول بجواز تولي المرأة القضاء مطلقا، ورد عليه الماوردي وقال بحرمة توليها القضاء ( انظر: الأحكام السلطانية ص 61).
4 ـ سورة البقرة / 286.