ـ(164)ـ
الآخرون أكثرهم من العائدين من أوروبا وتبعهم في ذلك رهط من غيرهم .
أشرنا فيما سبق إلى الظروف التي أحاطت بالحرب الإيرانية الروسية وأضيف هنا أن الأحداث بعد هذه الهزيمة تطورت حتّى حولت هذا البلد العريق العظيم إلى شبح بلد، تفتك به الصراعات الداخلية، وتتناوشه شتى الاطماع الخارجية وكان هناك عامل واحد لا غير يصون المجتمع من الابادة والتمزق والانفراط وهو الإسلام، وخاصة "التشيع" ولذلك كان من الطبيعي أن تتجه كلّ جهود الأعداء والطامعين إلى اضمحلال هذا العامل .
في قضية الحرب الإيرانية الروسية مر بنا أن فتح على شاه لم تكن له قدرة على الحرب وروسيا كانت قد عرفت كلّ نقاط ضعفه كانت التقارير تتوالى عن اعتداءات الجيش الروسي على مدن إيران، وفي الوقت ذاته يقدم بخشكوف، ممثلا عن نيقو لا قيصر الروس، عرشا من البلور هدية إليه والميرزا أبو الحسن خان وزير الخارجية الذي يتقاضى ألف روبية من البريطانيين بواسطة شركة الهند الشرقية لا يرتضى الحرب مع روسيا أي أن كلّ الظروف كان مهيئة لتقديم مدن القفقاس إلى ورثة بطرس الكبير إزاء عرش نيقولا البلوري وكان الشاه "الرجعي" راضيا بذلك وكذلك ميرزا أبو الحسن "التقدمي" المنفتح على الغرب.
كان هناك عامل واحد فقط استثار غيرة الحكومة وهو النداء الصارخ الذي أصدره المجتهدون والفقهاء المراجع مثل سيد محمّد مجاهد والملا أحمد النراقي كان هذا النداء هو الحافزالوحيد لما أبداه الناس من حماس للجهاد في سبيل رضوان الله تعالى في هذه الحرب غير المتكافئة بين واحدة من أكبر القوى العالمية آنئذ، وحكومة واهية في مهب الريح.
رب سائل يسأل: وما جدوى حكم الجهاد؟ فالنتيجة كان الهزيمة وانفصال 17 مدينة من إيران . والجواب: أن الروس كانوا يطمعون من حروبهم الوصول إلى