ـ(159)ـ
الأول ـ جمع الوثائق التاريخية المرتبطة بالحركة، وهو عمل قيّم ومفيد، خاصة وهو يرتبط بفترة حساسة جدا من تاريخ إيران.
والثاني ـ تحليل هذه الوقائع وإطلاق الأحكام عليها، وهي أحكام تبتعد غالبا عن الأنصاف.
المعيار في كلّ أحكام كسروي هو الثناء على من ناصر المشروطية والهجوم المقذع على من خالفها لأي سبب من الأسباب، لاعتقاده بأن المشروطة عطاء عشرات السنين من الجهود التي بذلها المتغربون والمتجددون.
أنظر إلى حكمه على واحد من كبار العلماء هو المرحوم السيد محمّد كاظم اليزدي (رضوان الله تعالى عليه)، الذي كان معارضا للمشروطة غير المشروعة (غير القائمة على أساس الشرع المقدس):
"... السيد كاظم الذي كان حاذقا في خداع الناس وإثارة العامة، تحرك بشدّة، أرسل إلى العشائر العربية القاطنة حول النجف وكربلاء وعلى ضفاف الفرات، وهم من الشيعة، أن يأتوا زرافات إلى النجف بأسلحتهم ومعداتهم ويحوطوا السيد بالدبكات والهوسات والشعارات المعادية للمشروطة. وكانوا لا يألون جهدا في إيذاء كلّ من يعرفون فيه تأييدا للمشروطة. وفي كلّ يوم يؤم فيه السيد الصحن لأداء الصلاة كان عدة الآف من الإيرانيين والعرب يصطفون للصلاة خلفه..."(1).
وهناك من راح يحلل حركة المشروطة تحليلا ماركسيا وفق القوالب النظرية التي وضعتها المادية التاريخية ومقتضيات الصراع الطبقي(2).
______________________
1 ـ احمد كسروي تبريزي، تاريخ مشروطة إيران (فارسي)، طهران، منشورات أمير كبير، ط12، ص382.
2 ـ مثل محاولة: محمد رضا فشاهي، از گاتها تا مشروطيت (فارسي)، طهران، منشورات غوتنبرغ، 1354.