ـ(156)ـ
المدنيتين الشرقية والغربية، وسيطرة المدنية الأوربية. رائد هذا التفكر ومبتكر الخط الجديد في المجتمعات الإسلامية ميرزا فتح علي. ومنه سرت هذه الفكرة إلى تركيا. لقد ولد هذا الوعي الاجتماعي في إيران وتركيا نتيجة التفاعل بين الغرب والشرق ونتيجة التجارب العينية المكتسبة. هذا الوعي دفع إلى تعقّل أسباب الانتكاس التاريخي والانحطاط المادي، والى التفكير في سبل التقدم وتعلم العلوم والفنون الأدبية…
أفكار ميرزا فتح علي تطوّرت على مرحلتين متمايزتين تطورا كليا: المرحلة الأولى، إصلاح الحروف الهجائية. الثانية، تغيير الخط.
في المرحلة الأولى: ألغى نقاط الحروف، وجعل شكل الحرف وحده مميّزا للحرف عن الآخر. وحركات الأعراب جعلها جزءا من الحروف وكتبها بازائها…
وفي المرحلة الثانية: تغيرت فكرة ميرزا فتح علي تماما، واعتقد بعدم جدوى إصلاح الحروف الهجائية. ولابدّ للخط أن يتغيّر وأن تستبدل بهذه الحروف الموجودة الحروف اللاتينية. وأن تكتب من اليسار إلى اليمين. وعلى هذا الأساس قدم مشروعا جديدا يمثل تحوّلا تكامليا في أفكاره".
وبشأن بدايات فكرة إصلاح الخط، وكيف خطرت في ذهن ميرزا فتح علي يقول فريدون آدميت:
".. لا أدري، ولا جدوى في التخمين والتقريب. أنا على إطلاع إلى حدّ ما على مصدر فكرته هذه، إنها تجربة قيصر الروس (بطرس) في روسيا. يقول ميرزا فتح علي في بعض كتاباته: رأى القيصر أن خط الروس القديم يحول دون تقدّم الشعب في العلوم فتركه واستحدث خطا بالحروف اللاتينية. خالفه العوام والقساوسة وأشراف مملكته. ورفعوا عقيرتهم بالقول إننا سنفقد ديننا.. فلم يبال القيصر بحماقاتهم وجدّ في عزمه.. وبسبب تغيير الخط هذا ساروا على طريق الرقي