ـ(15)ـ
قال أمين الإسلام الطبرسي: "إنّ الأعراب أجلّ علوم القرآن. فإنّ إليه يفتقر كلّ بيان وهو الذي يفتح من الألفاظ الإغلاق ويستخرج من فحواها الإغلاق، إذ الأغراض كامنة فيها. فيكون هو المثير لها، والباحث عنها والمشير إليها ـ إلى أن قال: ـ وإذا كان ظاهر القرآن طبقاً لمعناه فكلّ من عرف العربية والأعراب عرف فحواه ويعلم مراد الله به قطعاً. هذا إذا كان اللفظ غير مجمل يحتاج إلى بيان، ولا محتمل لمعنيين أو معانِ"(1).

القاعدة 6 ـ علوم البلاغة
علوم البلاغة هي المعاني والبيان والبديع، فبالأوّل تعرف خواصّ تراكيب الكلام من جهة إفادتها المعنى، وبالثاني خواصّها من حيث اختلافها حسب وضوح الدلالة وخفائها، وبالثالث وجوه تحسين الكلام.
ولا يخفى أن القرآن الكريم مبني على أرقى أنحاء البلاغة العربية وتفننها بمحاسن المجاز والاستعارة والكناية والإشارة والتلميح وغير ذلك من مزايا الكلام الراقي ببلاغته ممّا كان مأنوس الفهم في عصر النزول ورواج الأدب العربي وقيام سوقه، وكان بحيث يفهم المراد منه ومزاياه بأنس الطبع ومرتكز الغريزة كلّ سامع عربي.
ولكن بعد اشتراك الأمم في بركة الإسلام وامتلاء جزيرة العرب من الأمم وتفرق العرب بالتجنيد في غير البلاد العربية تغير أسلوب الكلام العربي في عامة الناس وتبدلت مزايا الكلام وأساليب المحاورات فعاد ذلك المأنوس غريباً في العامة، وذلك الطبيعي الغريزي يحتاج في معرفته إلى ممارسة التطبع وكلفة التعلم
______________________
1 ـ مجمع البيان 1 ـ 2: 13.