ـ(14)ـ
بعد النزول من السماء، ولكنه لا يلائم قوله سبحانه ـ حكاية لقول عيسى ـ: [فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم](1).
القاعدة 5 ـ علوم التصريف والنحو والاشتقاق
أمّا التصريف، فبه تعرف الأبنية والصيغ. قال ابن فارس: ومن فاته علمه فاته المعظم. وقال الزمخشري: من بدع التفاسير قول من قال: إنّ الإمام في قوله تعالى: [يوم ندعو كل أناس بإمامهم](2). جمع "اُمّ"، وأنّ الناس يدعون يوم القيامة بأمهاتهم دون آبائهم. وهذا غلط أوجبه جهله بالتصريف. فإن "اُمّاً" لا يجمع على "إمام".
وأمّا الاشتقاق، فلأنّ الاسم إذا كان اشتقاقه من مادتين مختلفين اختلف المعنى باختلافهما، كالمسيح هل هو من السياحة أو المسح(3).
وأمّا النحو فلأنّ المعنى يتغير ويختلف باختلاف الأعراب، فلابد من اعتباره. ومشهور أنّ واضع علم النحو هو أبو الأسود الدؤلي، أخذه عن الإمام علي (عليه السلام)، وذلك بعدما شاهد من الخطأ واللحن في قراءة القرآن الكريم، كقرائة "ورسوله" بالجر، وهو مرفوع في قوله تعالى: [إنّ الله بريء من المشركين ورسوله](4). وقراءة الخاطئين بالنصب وهو مرفوع في قوله تعالى: [لا يأكله إلاّ الخاطئون](5). فدخل أبو الأسود الدؤلي يوما على الإمام علي (عليه السلام) ورآه مفكراً فقال له: مالي أراك مفكرا يا أمير المؤمنين؟ قال: إني سمعت من بعض الناس لحنا وقد هممت أن أصنع كتابا أجمع فيه كلام العرب، فألقى إليه صحيفة فيها: الكلام كله اسم وفعل وحرف إلى آخر القصة وهي مشهورة(6).
______________________
1 ـ المائدة: 117.
2 ـ الإسراء: 71.
3 ـ الإتقان 4: 213 ـ 214.
4 ـ البراءة: 2.
5 ـ الحاقة: 37.
6 ـ تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام، للسيد حسن الصدر: 50 ـ 51.