ـ(146)ـ
رابعاً: فتح الطريق أمام الغزو الثقافي والمسخ الثقافي..
كل الجهود انصبت على طريق نهب ثروات الشعوب وعلى إزالة كل مانع في هذا الطريق. ولم يكن ثمة عقبة أمام نفوذ الأجانب في بلدان العالم الإسلامي أكبر من الإسلام بمعناه الشامل. وكان الغرب الصليبي على علم كامل بخطر الإسلام، ولذلك لا نشك في وجود الأيدي الصليبية وراء هجوم المغول على العالم الإسلامي، ووراء الصراع الدموي بين العثمانيين والصفويين.
كانت الأيدي الغربية الآثمة تسعّر نار الخلافات والحروب بين الاخوة المسلمين الإيرانيين والأتراك لتضعفهما معا ولتوقف الإيرانيين عند حدود مصالح إمبراطورية الهند الشرقية وتوقف الأتراك عند حدود أوروبا المركزية، ثم لتأتي على سائر أجزاء العالم الإسلامي لتأكلها واحدة بعد أخرى بعد أن أكلت الثور الأبيض.
واجتمعت العوامل لتنخر في جسد الحكومة الإيرانية وتؤدي بها إلى منتهى الضعف والهزال: تدهور الحكومة الصفوية.. وهجوم الأفغان.. وقيام شركة الهند الشرقية.. وتنفيذ الدسائس في الحدود الجنوبية والجنوبية الشرقية.. وتزلزل الحكومة الزندية.. وفشل "لطف علي خان الزندي" في الاحتفاظ بالسلطة التي وطدها له أبوه.. والمجازر الدموية الظالمة التي ارتكبها "آقا محمد خان القاجاري"..
ولسوء الحظ فان هذا الضعف والهزال في جسد الحكومة الإيرانية صادف ذروة اقتدار "نابليون" ملك فر انسه الذي استشعر حلول روح "الاسكندر المقدوني" فيه، وطمح إلى أن يسخّر الشرق والغرب تحت قبضته.. واستهدف إلى أن يتعاون مع "بولس الأول" قيصر روسيا، ومع الجيش الإيراني ليخرج الهند من قبضة البريطانيين. من هنا دخل البريطانيون بكل قواهم ساحة المعركة ليحولوا دون