ـ(143)ـ
هذا الجرح ومعالجته، ولما آل الأمر إلى عفونته، تقدموا متلبسين بلباس جرّاح عطوف إلى فصل هذا الشلو عن الجسد. واستفحل الفساد بألوانه حتّى خيم اليأس على الناس، وأيقنوا أن لا قدرة لهم على العلاج.
في مثل هذه الظروف الحاكمة تحرك الخناسون ليكتبوا لآلام هذه الأمة المحتضرة وصفة دواء ربّما أزالت بعض العوارض وسكّنت بعض الآلام، لكنها كانت تؤدي فيما تؤدي إلى الغفلة عن جذور المرض وعلاجه.
يبدو أن أول مبعوث رسمي بريطاني قدم إلى إيران في العصر الصفوي هو "انطوني جنكنسن"، فقد بعثته ملكة بريطانيا محمّلا برسالة إلى الشاة طهماسب تخاطبه فيها بما يتناسب مع مزاج الشاه الصفوي من ألقاب: شاهنشاه إيران وشعب "ماد" و "پارت" و "گرگان" و "كرمان" و "ماركو" (مرو) وقبائل ضفتي شط دجلة وسائر القاطنين بين بحر الخزر والخليج الفارسي .. الصوفي الكبير .. الحاكم العريق والمقتدر .. ثم تقول له: لقد بعثنا إليكم خادمنا الوفي انطوني جنكنسن ليتجول في بقاع مملكتكم ولإقامة علاقات تجارية مع رعاياكم..
يقول اللورد كورزن (curzon) في كتابه إيران ومسألة إيران (persia and persian Question): "حين قدم جنكنسن قزوين وقابل الشاه وسلمه رسالة ملكة بريطانيا قال له الشاه: آه، أيها الكفار، نحن لسنا بحاجة إلى صداقتكم، وأمره بالعودة من حيث أتى، ثم أمر الشاه أن تعفّر آثار أقدام هؤلاء البريطانيين بالتراب لأنهم نجّسوا الأرض التي وطأوها".
خرج هذا المبعوث البريطاني من إيران خائبا، واتجه إلى موسكو، وقضى الشتاء هناك، وفي العام التالي عاود الكرة واصطحب معه شخصين هما "توماس الكوك" و "ريتشارد جني"، وتوجه نحو إيران، لكنه وجد من "عبدالله خان" والي شيروان صدودا وإعراضا، لان هذا الوالي كان ساخطا بسبب مقتل أحد المسلمين