ـ(129)ـ
ثانياً: الديّة:
إذا تعذّر استيفاء القصاص لسبب ما، أو كان الاعتداء خطأً وجبت الدية.
وقد تكون الدية كاملة، أو إرثاً مقدّراً، أو إرثاً غير مقدّر.
ويسمى الأرش إذا كان غير مقدّر بالحكومة أو حكومة العدل.
والحكومة: تقويم الجنايات والمتلفات، وجزاء التي لم يشرّع فيها تقدير معيّن، وتفتقر إلى عدلين، فيلزم الحاكم الحكم بتقديرها(1).
قال الكرخيّ من الحنفيّة: تقرب الجناية إلى أقرب الجنايات التي لها إرش مقدّر، فينظر ذوا عدل من أطباء الجراحة كم مقدار هذه الجراحة بالنسبة إلى التي لها أرش مقدّر بالحزر والظن؟ فيأخذ الحاكم بقولهما ويحكم من الأرش بمقداره من أرش الجراحة المقدّرة(2).
والتقويم لا يكون إلاّ بعد برء المجروح من الجرح لأنّ أرش الجرح المقدر يكون بعد البرء. فان لم تنقصه الجناية شيئاً بعد البرء فلا شيء على الجاني، لإنّ الحكومة وجبت لأجل جبر النقص، ولا نقص بعد البرء.
ديّة الأنف:
وفي الأنف الديّة إذا قطع مارنه ـ وهو ما لان منه ـ لقول الرسول (صلى الله عليه وآله): "وإنّ في الأنف إذا أوعب جدعه الديّة" ولأنّه عضو واحد في الجسم فبقطعه تفويت الجمال والمنفعة، وفي قطع أحد المنخرين نصف الديّة. وفي الحاجز حكومة، وذهب الإمامية إلى القول أنّ في الحاجز نصف الديّة(3).
وإذا قطع المارن مع القصبة ففيه الديّة أيضاً. وقال الشافعية والزيدية: في
______________________
1 ـ بدائع الصنائع 7: 327.
2 ـ المصدر السابق.
3 ـ المختصر النافع 2: 307 ـ 308.