ـ(120)ـ
وقال أبو حنيفة: إذا استوفى الطرف وسرى إلى النفس ومات لا يجب القصاص لأجل الشبهة.
وتجب الديّة في ماله لأنه فوّت نفسه ولا يستحق إلاّ طرفه، فلزمته ديّته، كما لو ضرب عنقه. ولأنها سراية قطع مضمون فكانت مضمونة كسراية الجناية(1).
عفو المجني عليه من القصاص
يجوز للمجني عليه أن يعفو عن القطع وذهاب منافع الطرف والشجة والجراحة إذا لم تسر، وذلك لأنّه حقّه وقد أسقط هذا الحقّ برضاه.
فان سرت الجناية إلى النفس فالعفو باطل عند أبي حنيفة، وعلى الجاني الديّة في ماله استحساناً، وفي القياس يلزمه القصاص.
وحجته في ذلك أنّه عفا عن غير حقّة فلا يصح، لأن العفو إسقاط الحقّ، فإذا صادف ما ليس بحقه كان باطلاً، وأن المعتبر في الجنايات مآلها لا حالها.
وعند أبي يوسف ومحمد بن الحنفية: العفو صحيح ولا شيء على الجاني، لأنّ العفو أضيف إلى الفعل كالقطع والشجّة يراد به موجبه، لأنّ نفس الفعل لا يحتمل العفو وموجبه أحد شيئين:
ضمان الطرف إن اقتصر، وضمان النفس إن سرى، فيتناولهما فصار كالعفو عن الجناية أو القطع وما يحدث منه أو عن الشجّة وما يحدث منها، ولأنّ اسم القطع والشجّة يتناول الساري والمقتصر، لأنّ القطع جنس وهما نوعان فصارت السراية والاقتصار صفة له، ولأنّ العفو في الانتهاء كالأذن في الابتداء بدليل أنه لو اقتصر فيهما جميعاً لم يضمن شيئاً، والأذن في الابتداء بهذه الألفاظ يسقط ضمان
______________________
1 ـ تحفة الفقهاء: 3: 128.