ـ(119)ـ
يكن لوليّ المجنيّ عليه علم بذلك يؤمر بأن يستنيب عنه غيره، وإن كان له علم يُمكّن منه لأنه أحد نوعي القصاص فيمكّن من استيفائه كالقتل.
وقال الشافعية:
إذا قطع الرجل أو جرح وطلب المجنيّ عليه أن يقتصّ لنفسه لم يجب إلى ذلك، ولا يقتصّ إلاّ عالم بالقصاص، عدل فيه، وعلى السلطان أن يرزق من يأخذ القصاص ويقيم الحدود من سهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من الخمس كما يرزق الحاكم(1).
ولا يستوفى القصاص فيما دون النفس بالسيف ولا بآلة يخشى منها الزيادة كالقتل، لأن القتل إنما يستوفى بالسيف لأنه آلته، وليس هناك شيء يخشى التعدّي عليه. فيجب أن يستوفى ما دون النفس بآلة خاصّة بشرط أن يتوقّى فيها ما يخشى فيه الزيادة إلى مكان لا يجوز استيفاؤه، فان كان الجرح موضحة مثلاً فيستوفى بالموس أو بحديدة معدّة لذلك.
ولا يقتص من الجاني في الحر الشديد، والبرد الشديد خوفاً من عدم التئام الجرح فيموت الجاني، فيجب أن يؤخر إلى وقت آخر.
سريان القصاص إلى النفس
إذا استوفى من له القصاص طرفاً يجب فيه القصاص فمات الجاني بسراية الاستيفاء لم يجب عليه شيء.
وبهذا قال أبو يوسف، ومحمد بن الحنفيّة، والحنابلة، والمالكيّة، والإماميّة، والزيديّة، والشافعيّة، والظاهريّة، وحجّتهم في ذلك أنّ السارق إذا مات من قطع يده فلا شيء على الذي قطع يده، وهذا مثله(2).
______________________
1 ـ الأم: 6: 52.
2 ـ ينظر: تحفة الفقهاء: 3: 128، والمغني 9: 443، وبداية المجتهد: 2: 444، وشرائع الإسلام: 4: 229، والبحر الزخّار: 41: 5، والأم: 6: 54، والمحلى: 3: 128.