ـ(12)ـ
بعض، ولا يختلف في الله، ولا يخالف بصاحبه عن الله"(1).
ويقول العلامة الطباطبائي ـ وهو أخذ هذه القاعدة عمدة في تفسيره القيّم الميزان ـ: "وهذا من عجيب أمر القرآن، فإنّ الآية من آياته لا تكاد تصمت عن الدلالة ولا تعقم عن الإنتاج كلما ضمّت آية إلى آية مناسبة أنتجت حقيقة من أبكار الحقائق، ثمّ الآية الثالثة تصدّقها وتشهد بها، هذا شأنه وخاصّته.
والوجه في ذلك أنّ الكلام إذا كان قائماً على أساس الحقيقة وينطبق المعنى عليها تمام الانطباق لم يكذب الحقائق الآخر ولم تكذبه. فإنّ الحق مؤتلف الأجزاء ومتحد الأركان لا يبطل حقّ حقاً ولا يكذب صدق صدقاً، والباطل هو الذي ينافي الباطل، وينافي الحق، انظر إلى مغزى قوله سبحانه: [فماذا بعد الحق إلا الضلال]،(2). فقد جعل الحقّ واحداً لا تفرّق فيه ولا تشتّت، وانظر إلى قوله تعالى: [ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم]،(3). فقد جعل الباطل متشتتاً ومتفرقاً ومفرقاً.
وإذا كان الأمر كذلك فلا يقع بين أجزاء الحقّ اختلاف"(4).
القاعدة4 ـ علم اللغة العربية
نقلوا عن مجاهد أنّه قال: "لا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يتكلّم في كتاب الله إذا لم يكن عالماً بلغات العرب"،(5). فقد انزل القرآن الكريم على افصح اللغات وأكثرها تداولاً ومألوفية لنوع العرب، فلا تخفى معاني مفرداته على العرب إلاّ نادراً لبعض الجهات التي لا ينفك عنها نوع الإنسان. كما يروى في الأب والقضب في قوله تعالى: [وعنباً وقضبا وفاكهة وأبا](6). ولكن لمّا تشرّفت الأمم من غير العرب بالإسلام وتطورت اللغة العربية بسبب الاختلاط ومرور الزمان،
______________________
1 ـ نهج البلاغة، شرح الدكتور صبحي الصالح، الخطبة 133.
2 ـ يونس: 32.
3 ـ الأنعام: 153.
4 ـ الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن 1: 73.
5 ـ السيوطي، الإتقان 4: 213.
6 ـ عبس: 28 ـ 31.