ـ(98)ـ
وقد ذهب جملة من أعلام الأصوليين إلى أخذ العلم فيه، منهم: الغزاليّ في المستصفى، والخضري، والورجلاني الإباضي في الدليل والبرهان، وأمير بادشاه الحسيني الحنفي في تيسير التحرير فعرفوه بـ: (أنه بذل المجتهد وسعه في طلب العلم بأحكام الشريعة) (1).
وقد أورد على هذا التعريف أيضاً عدة إيرادات، منها: انه محتاج إلى ضم كلمة الوظائف (2).
لتشمل كل ما يتصل بوظائف المجتهد من عمليات الاستنباط.
وهذه المؤاخذة واردة حتى على المتأخرين: كالأستاذ مصطفى الزرقا حيث عرفه بـ: (عملية استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية في الشريعة) (3).
ويرى السيد الشهيد الصدر(ره): أن مصطلح الاجتهاد قد مر بعدة مراحل، فكان يطلق للتعبير عن مسلك معين ومدرسة خاصة في استنباط الحكم الشرعي، وهي مدرسة الرأي والقياس وقد صنف عبد الله بن الرحمن الزبيري وابن أبي الفتح المدني والنوبختي وغيرهم كتبأً بهذا الشأن، وقد حمل مصطلح الاجتهاد هذا المعنى الضيق إلى القرن السابع، حيث نجد أن المحقق الأول المتوفى سنة (676 هـ) يعطي الاجتهاد معنى أوسع، فيقول: (وهو في عرف الفقهاء: بذل الجهد في استخراج الأحكام الشرعية، وبهذا الاعتبار يكون استخراج الأحكام من أدلة الشرع اجتهاداً...).
ويقول السيد الصدر(ره): (ولم يقف توسع الاجتهاد كمصطلح عند هذا الحد، بل شمل في تطور حديث (كل عملية يمارسها الفقيه لتحديد الموقف العلمي تجاه الشريعة عن طريق إقامة الدليل على الحكم الشرعي، أو على تعيين الموقف العملي مباشرة، وهكذا أصبح الاجتهاد يرادف عملية الاستنباط) (4).
_________________________________
1 ـ المستصفى 2: 101، أصول الفقه للخضري: 357.
2 ـ الأصول العامة للفقه المقارن للسيد محمد تقي الحكيم: 563.
3 ـ مجلة حضارة الإسلام 1 عدد 2: 7.
4 ـ الحلقة الأولى: 63 وما قبلها.