ـ(97)ـ
واحدة في تحديد معنى الاجتهاد؛ وذلك لاختلافهم في الآراء والمباني وإن كانت الفوارق ـ غالباً ـ لا تمس الصميم. فالمتتبع لكلماتهم يرى أن لهم فيه اصطلاحين مختلفين، أحدهما أعم من الآخر، وهما:
أولاً: الاجتهاد بمفهومه العام:
وقد اختلفت عباراتهم في تحديد هذا النوع اختلافاً كبيراً، فالذي ذهب إليه جملة من فقهاء الجمهور، ومن الإمامية هو: أخذ الظن في التعريف، فقد عرفه الآمدي بـ (استفراغ الوسع في طلب الظن بشيءٍ من الأحكام الشرعية على وجه يحس من النفس العجز عن المزيد عليه) (1).
وعرفه كل من العلامة الحلي وابن الحاجب بـ: (استفراغ الوسع في تحصيل الظن بالحكم الشرعي) (2).
وبهذا القيد (أي: استفراغ الوسع) خرج اجتهاد المقصر، فإنه لا يعد في الاصطلاح اجتهاداً معتبراً. ويمكن التعليق على هذا التعريف بعدة تعليقات: منها: عدم كونه جامعاً؛ لأنه لا يشمل تحديد الوظيفة العلمية، وهو بلا شك مما يقع ضمن دائرة الاجتهاد. ثم إن الظن المطلق ليس بحجة، بل الحجة هو ما عينه الشرع بالخصوص، سواء أفاد الظن أو لم يفد كما يقول السيد المرتضى (ره) (3). وعليه فلا يكون حينئذٍ التعريف مانعاً. وقد جرت على هذا النحو كثير من التعاريف مع تغيير في بعض الألفاظ. فنرى أن صاحب مسلم الثبوت وجماعة عرفوه بأنه: (بذل الطاقة من الفقيه في تحصيل حكمٍ شرعيٍ ظني) (4).
___________________________________
1 ـ إرشاد الفحول: 250، الأحكام للآمدي 4: 218.
2 ـ ـتهذيب الأحكام: 100، كفاية الأصول للخراساني: 347.
3 ـ الذريعة إلى أصول الشيعة.
4 ـ فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت 2: 362، شرح المحلى على جمع الجوامع 2: 1، روضة الناظر 2: 401، المدخل إلى مذهب أحمد لابن بدران: 179، شرح العضد على ابن الحاجب 2: 289، كشف الأسرار 2: 134، التلويح على التوضيح 2: 117، الأحكام للآمديّ 3: 139